الإشارات الكونية في سورة التوبة
جاءت الإشارات القرآنية لتبيان عدد من الحقائق الكونية الغائبة عن الناس، وقد وردت بتعبيرات دقيقة، شاملة، جامعة، مفصلة، ومجملة تستحث حدس الإنسان بالتوجه نحو هذه الإشارات، وتقوده إلى إعمال العقل، والفكر، حيث أن تلك الإشارات محيط تستقي منه المعرفة الإنسانية كل ما غاب عن علمها عبر الزمان، والمكان، وتبقى هذه الإشارات الرافد الحقيقي للمعرفة الإنسانية، وبصيص النور الذي يقود الإنسان إلى اكتشاف، ومعرفة، وإدراك ما غاب عن إدراكه، وقد وردت مفرقة بين سور القرآن الكريم حسب مقتضى السياق، الأخبار والأحداث، فهناك آيات كونية عديدة تضمنتها عدة سور، ففي سورة (التوبة) إشارات يمكن إيجازها فيما يلي:
من الإشارات الكونية في سورة التوبة
- الإشارة إلى حقيقة الكافرين إذا ظهروا على المؤمنين لا يرقبوا فيهم إلا ولا ذمة.
- التأكيد على ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 36]
- إثبات أن الله تعالى له ﴿إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾
[ التوبة: 116]
من الدلالات العلمية للآية الكريمة ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 36]
هذه الآية الكريمة تتحدث عن عدة الشهور وهي سنة من سنن الأرض، لأن الخطاب القرآني موجه لنا نحن أهل الأرض واكتشف الآن بأن كل جرم من أجرام السماء له أزمنته الخاصة من السنين والشهور.
- ما هو الشهر القمري؟ يعرف الشهر لغة بانه مدة مشهورة بإهلال الهلال، وقيل: (شهر القمر) سمي بذلك لشهرته، وظهوره، وقيل هو العدد المعروف من الأيام، تُشْهَر بالقمر وفيه علامة ابتداء وانتهاء.
- ويعرف الشهر القمري فلكيا: بأنه دورة القمر حول الأرض منسوبة إلى موقع الشمس في صفحة السماء، والقمر يدور حول نفسه وحول الأرض بسرعة كيلو متر واحد في الثانية.
- ما هي السنة القمرية؟ تعرَّف السنة القمرية: بالفترة الزمنية التي يُتِمُّ فيها القمر اثنتي عشرة دورة كاملة حول الأرض، وتستغرق هذه الفترة ما بين (٣٧ و ٣٥٤) يوما؛ لأن متوسط عدد الأيام في كل شهر قمري: هو نحو (٥٣ و ٢٩) يوما، وحينما كانت كسور الأيام لا تدخل في حساب الشهور ولا في حساب السنين اعتبرت السنة القمرية مساوية للرقم الصحيح (٣٥٤) يوما، وتعرف بـ (السنة القمرية البسيطة) وتتجمع الكسور لتتم يوما كاملا مرة كل ثلاثة سنوات تقريبا، وتصبح مدة السنة القمرية فيها (٣٥٥) وتعرف باسم (السنة القمرية الكبيسة) وتظهر (١١) مرة في كل (٣٠) سنة تقريبا.
- والتعبير اللغوي سنة مستمدة من (سنا)، (سنيو) بمعنى: دار يدور حتى يعود إلى مكانه الأول وكذلك تعبير الحول مستمر من حال يحول، وهو بالمعنى نفسه كما أن السنة هي أول السنة.
- ما هي السنة الشمسية؟ السنة الشمسية تحددها دورة كاملة للأرض حول الشمس، وتقسم هذه السنة بواسطة بروج السماء الإثني عشر إلى اثني عشر شهرا، كما يمكن أن تقسم بواسطة اثنتي عشرة دورة كاملة للقمر حول الأرض، والفرق بين السنة الشمسية، والسنة القمرية (١١) يوما لأن الشمسة (٢٥ و 365) يوما.
- ما هو الشهر الشمسي: يقوم حساب الشهور الشمسية أساسا على مراقبة بروج السماء الإثني عشر الرئيسية، وهذه البروج هي تجمعات من النجوم تمر بها الأرض في دورتها السنوية حول الشمس وتبدو هذه البروج من فوق سطح الأرض بأشكال محددة تميز برجا عن الآخر، ودائرة البروج: هي مسار الشمس السنوية بين النجوم كما يظهر لنا من على سطح الأرض، وهي حركتها الظاهرة لنا تبدو وكأنها تمر باثني عشر برجا تسمى باسم (منازل الشمس) وتبقى في كل واحدة منها نحو شهر ثم تعود في نهاية السنة الشمسية إلى البرج الذي بدأت منه، وهكذا دوا ليك.
- الشهور في القرآن الكريم: هي الشهور القمرية‚ الآية القرآنية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد أن الشهر المقصود في القرآن الكريم هو الشهر القمري، والشهور القمرية عرفتها أغلب الحضارات القديمة، ويؤكد هذا أن جميع التكاليف الشرعية قد ربطها الشارع الحكيم بالأهلة، وعلى هذا فإن السنة المعتبرة في الإسلام هي (السنة القمرية)، وأن الشهور المعتبرة هي: الشهور القمرية، وأن العرب قبل الإسلام كانوا يعظمون الأشهر الحرم، وهي قمريةَ، وأيضاً فإن القمر هو أقرب أجرام السماء إلينا، وحركته هي أكثر حركات أي جرم من الأجرام الكونية، ووضح لنا ضبط الأزمنة به أحكم.
من أوجه الإعجاز العلمي للآية الكريمة ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾
إن الإشارة القرآنية الكريمة هذه أكدت ثبات عدة الشهور باثني عشر شهرا منذ خلق الله السماوات والأرض تأكيداً ضمنياً على انضباط كتل، وأحجام، وأبعاد، وسرعات الأرض وجميع أجرام السماء منذ اللحظة الأولى للخلق، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.