2025-02-03 6:51 م
إدارة الموقع
2025-02-03 6:51 م
معجزات من القرآن

الإشارات الكونية في سورة الفرقان

جاءت الاشارات القرآنية لتبيان عدد من الحقائق الكونية الغائبة عن الناس، وقد وردت بتعبيرات دقيقة، شاملة ، جامعة، مفصلة، ومجملة تستحث حدس الإنسان بالتوجه نحو هذه الإشارات، وتقوده إلى إعمال العقل، والفكر، حيث أن تلك الإشارات محيط تستقي منه المعرفة الإنسانية كل ما غاب عن علمها عبر الزمان، والمكان، وتبقى هذه الإشارات الرافد الحقيقي للمعرفة الإنسانية، وبصيص النور الذي يقود الإنسان إلى اكتشاف، ومعرفة، وإدراك ما غاب عن إدراكه، وقد وردت مفرقة بين سور القرآن الكريم حسب مقتضى السياق، والإخبار،والأحداث، فهناك آيات كونية عديدة تضمنتها عدة سور، ففي سورة الفرقان إشارات يمكن إيجازها فيما يلي:    

 من الإشارات الكونية في سورة الفرقان

  1. تقرير أن ملك السماوات، والأرض لله الواحد، الأحد. قال تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان:2]، وكل العلوم المكتسبة تؤكد حقيقة الخلق، وتشير إلى وحدانية الخالق، وإلى تنزيهه –سبحانه، وتعالى- عن جميع صفات خلقه، وإلى حتميه وجود مرجعية للكون من خارجه، يسمونها نقطة المرجعية (ليس كمثله شيء).
  2.  ذكر الآخرة بتعبير الساعة، وعلوم الكون تثبت حتمية فانية، والإشارة إلى أن علامات انهيار النظام الكوني تشقق السماء بالغمام، والعلوم المكتسبة تشير إلى شيء من ذلك.
  3.  الإشارة إلى مد الظل، وقبضه، وهذه العملية من الأدلة العلمية على دوران الأرض حول محورها أمام الشمس، وعلى ميلان هذا المحور، وينتج عن ذلك معرفة أن الأشعة لا تخترق الأجسام، وتكَوّن الظلام، وتبادل الليل، والنهار، وتبادل فصول السنة.
  4.  تأكيد أن الله –سبحانه- هو الذي يصرف الرياح برحمته، ويحرك دورة الماء حول الأرض، حتى ينزله من السحاب ماء طهورا.
  5.  الإشارة إلى أن الماء أقوى مذيب نعرفه.
  6.  الإشارة إلى خلق الإنسان من ماء، يربط البشرية كلها برباط النسب، والمصاهرة بقدرة الله.
  7.  ذكر حقيقة أن الله- تعالى- هو الذي (خلق السماوات، والأرض) في ست مراحل متتالية.
  8.  تأكيد أن الله- تعالى- (…جعل في السماء بروجا …)، وفي ذلك تفريق علمي دقيق بين الضياء، والنور.
  9.  الإشارة إلى حقيقة أن الله- تعالى- هو الذي (…جعل الليل، والنهار خلفة…)، وفي ذلك تلميح ضمني رقيق إلى دوران الأرض حول محورها أمام الشمس.

من الدلالات اللغوية للآية الكريمة

● قال تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}.

(مد) أصل المد الجر، ومنه المدة للوقت الممتد، و(مدّ الظل) يقصد به تحريكه بانتظام عبر الزمن، والدليل على ذلك قوله: (…ولوشاء لجعله ساكناً…)، والظل لغة ضد الضحّ، وهو أقل من الظلمة، وأعم من الفيء، ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس (ظل)، وجمعه (ظلال)، و(أظلال).

من الدلالات العلمية للنص القرآني

  1. أولاً: في قولة تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا…}، الظل: آية من آيات النهار ناتجة عن حجب أشعة الضوء المرئي عن منطقة من مناطق صبح الأرض بواسطة أحد الأجسام المعتمة، مثل الجبال، والأشجار،….
    • في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) إشارة واضحة إلى كروية الأرض، ودورانها، وكانت معدلات دوران الأرض في بدء الخلق أسرع بستة أضعاف مما عليه الآن، وكانت عدد الأيام في السنة (٢٢٠٠) يوما، ومدة اليوم ساعتان فقط.
    • الفرق بين الظل، والظلمة: الظل: انخفاض في شدة الضوء المرئي؛ أما الظلمة: فهي غياب كامل له.
  2. ثانياً– في قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) من الثابت علمياً أن الطيف الكهربي المغناطيس المندفع إلينا من الشمس يضم سلسة من الموجات التي تتباين فيما بينها على أساس التباين في سرعات ترددها، أو طول موجاتها.
    • (…ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)، ذلك أن الظل يتبع حركة صاحبه، إذا كان متحركا، كما يتبع حركة مصدر الضوء نفسه كلما تحرك، فمع الحركة الظاهرية للشمس، والناتجة عن دوران الأرض حول محورها تتحرك ظلال الأشياء باستمرار من طولها عند الشروق، إلى قطرها عند الظهيرة، إلى طولها عند الغروب.
  3. ثالثاً: في قولة تعالى ( ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)، تشير هذه الآية الكريمة إلى استطالة الظل من وقت تعامد الشمس، إلى الظهيرة، تلك الاستطالة التدريجية، إلى اتجاه الشرق، حتى يصل الظل إلى أقصى طول له قبل الغروب مباشرة، ثم يختفي بغروب الشمس، ودخول الليل، ويكون الظل نعمة من نعم الله- تعالى- لأنه يحمي الإنسان، والحيوان، والنبات من أشعة الشمس.

مدلول الآية الكريمة في ضوء العلوم المكتسبة

{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [الفرقان:48].

أولاً: سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى أصل ماء الأرض قد أخرجه الله من داخلها، ودورته بين الأرض، والسماء في عملية مستمرة دائمة؛ من أجل تطهيره، وإنزاله ماء طهورا على هيئة المطر، والبرد؛ ليجري على سطح الأرض في أشكال، وهيئات متعددة تلعب أدواراً مهمة في تشكيل سطح الأرض.

ثانياً: أهمية الماء للحياة على الأرض.

  • كوكب الأرض: هو أغنى كواكب المجموعة الشمسية بالماء إذ تقدر كميته على سطح ذلك الكوكب بنحو(1.4) بليون كم مكعب، ويتوزع أغلب هذا الماء (97.22%) في البحار، والمحيطات، ويتجمد أغلب الباقية في حدود (١٥. ٢٪) على هيئة سمك هائل من الجليد فوق قطبي الأرض، وعلى قمم الجبال، وما بقى بعد ذلك، ونسبته لا تكاد تتعدى(0.63%) من مجموع ماء الأرض، يتوزع بين الماء المختزن تحت سطح الأرض، ونسبته لا تكاد تتعدى (0,613%)، والمخزون في البحيرات الداخلية، ومجاري الأنهار، والجداول، والمتمثل في رطوبة التربة، والجو، ونسبته في حدود (0,027%)، ويغطي ماء الأرض حالياً نحو (٧١٪) من مساحة سطحها المقدرة بنحو(٥١٠)ملايين كم، بينما تشغل اليابسة (٢٩٪)، من تلك المساحة فقط،
  • من سنن الله الصراع بين اليابسة، والماء.
  • الماء: سائل شفاف، وهو في نقائه لا لون له، ولا رائحة، ولا طعم ؛ويتركب جزيء الماء من ذرتين من ذرات الأيدروجين، وذرة واحدة من ذرات غاز الأكسجين.
  • ماء السماء ماء طهورا: إن دورة الماء حول الأرض لها فوائد كثيرة، من أبرزها تطهر الماء من شوائبه، وعوالقه المختلفة.

الدلالات اللفظية لبعض كلمات الآية الكريمة

● {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا} [الفرقان:53].

  •  (مرج): أصل صحيح يدل على المجيء، والذهاب، والاضطراب، والاختلاط بانفصال كامل، أي دون أن يلتبس أحدهما بالآخر التباساً كاملاً.
  •  (عذب فرات) الماء العذب: هو الماء الطيب المذاق، (الفرات) هو شديد العذوبة)؛ والبحر العذب الفرات: هو النهر سُمّي بحراً لشدة عذوبة مائه.
  • (ملح أجاج)، الملح الأجاج: هو الماء شديد الملوحة، والمرارة، وما كان في الماء، الملح الأجاج: هو ماء البحر على اختلاف درجات ملوحته.
  •  برزخ. البرزخ: هو الحاجز، والحد بين الشيئين.
  • الحجر المحجور: هو الحرام المحرم.

الدلالات العلمية للآية الكريمة

تطلق لفظة (البحر) في اللغة العربية على كل من: النهر ذي الماء العذب، والبحر ذي الماء المالح، ولولا أن الله – تعالى- قد صمم الأنهار؛ لتفيض من تضاريس القارات المرتفعة فوق مستوى سطح البحر، فتلقى بمائها العذب في الخضم المالح؛ لطغى ماء البحر المالح على اليابسة – بما فيها من ماء عذب -، وأفسدها إفساداً كاملاً، ودمر صور الحياة فيها.

دورة الماء حول الأرض: تُبَخّر أشعة الشمس سنوياً من الماء – بتقدير من الله – ما مجموعه (٣٨٠٠٠٠) كم (٣)من أسطح البحار، والمحيطات، ومن اليابسة (٣٢٠٠٠٠) كم (٣)،وهذا القدر من بخار الماء يتكثف في نطاق التغيرات المناخية، فيعود إليها مطراً، أو ثلجاً، أو برداً؛ نسبة (٢٨٤٠٠٠) كم (٣)، منها تنزل على البحار، والمحيطات، و(٩٦٠٠٠) كم (٣) تنزل على اليابسة، والفارق، وقدره (٣٦٠٠٠) كم(٣) من الماء يفيض من اليابسة إلى البحار، والمحيطات سنوياً حاملاً معه ملايين الأطنان من الأملاح، وفتات الصخور.

■ عوامل تحكم نشاط النهر على منطقة مصبه: عند مصبّات الأنهار يضعف أثر ظاهرتي المد، والجزر، وشدة الأمواج، والتيارات البحرية؛ فيسود القصور الذاتي، أو قوة، و استمرارية تدفق تيار الماء في النهر.

من الدلالات العلمية للآية الكريمة

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان:54]

  • في قوله تعالى (وهو الذي خلق من الماء بشرا…)، يتضح أن المقصود بلفظة الماء هنا: هو ماء التناسل من الزوج، والزوجة، كما جاء في قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِين ۝ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاء مَّهِين ۝ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُون} [السجدة:7-9]، وقال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِين ۝ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِين ۝ إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُوم ۝ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُون}[المرسلات:21-23]، {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِق ۝ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِق ۝ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِب ۝ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر ۝ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِر ۝ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِر}[الطارق:5-10]، {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُون}[الأنبياء:30]، {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[النور:45]، وقال الرسول- صلى الله عليه، وسلم- (كل شيء خلق من ماء) رواه أحمد، والبيهقي، والحاكم؛ وعندما سئل الرسول- صلى الله عليه وسلم-أحد اليهود فقال: (يا يهودي من كل ما يخلق: من نطفة الرجل، ومن نطفة المرأة) رواه أحمد.
أنواع النطف:

يقال في العربية: نطف ينطف- بضم الطاء، وكسرها- نطفانا بمعنى: سال يسيل سيلاناً، وفي علم الأجنة: يطلق مصطلح (النطفة) على الخلايا التناسلية الذكورية، والحيوان المنوي (الجاميت)، والأنثوية البويضة (البيضة) وباتحادهما تنتج النطفة المختلطة، (النطفة الأمشاج) كما سماها القرآن الكريم، ويدل ذلك على أن هناك نطفة ذكرية، ونطفة أنثوية، ونطفة أمشاج، أو لاقحة، وينتهي طور النطفة بانغراس اللقحة في جدار الرحم، وتحولها إلى طور العلقة.

  • الماء الدافق: (ماء التكاثر): إن ماء التكاثر عند الرجل: سائل أبيض، ولزج مليء بالنطف الذكرية -التي يتراوح عددها ما بين ماتتين مليون، وثلاثمائة مليون نطفة في الدفقة الواحدة- التي يتكون حجمها من الثلاثين من المليمترات المكعبة، والنطفة الذكرية (الجاميت ) :كائن متناه في ضآلة الحجم، ويحتوي رأس النطفة الذكرية على نواتها، وبها نصف عدد الصبغات المحددة للبشر، إذ تحوي على (٢٣) صبغياً من(٤٦) صبغيا، ويصل إلى النطفة الأنثوية في قناة الرحم، وبذلك تتكون النطفة الأمشاج (اللاقحة) من جزء من ماء التكاثر الذكوري، وجزء من ماء التكاثر الأنثوي، وفي ذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم -:(ما من كل الماء يكون الولد) صحيح مسلم.
  • تطور النطفة الأمشاج: بمجرد تكون النطفة الأمشاج يستكمل عدد الصبغيات (٤٦)، وهو العدد المحدد للنوع الإنساني ثم تتطور يوماً بعد يوم حتى تصل إلى العلقة قال تعالى: {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَه ۝ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَه ۝ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَه}[عبس:17-19]،
  • الماء الدافق من الرجل: يخرج ماء التكاثر الذكري دافقاً كما وصفه القرآن الكريم قال تعالى: (خلق من ماء دافق).
  • الماء الدافق من المرأة: يندفع ماء التكاثر في المرأة من غدّتين تناسليتين تعرف باسم (المبيضين) تتكون فيهما البويضات كما وصف القرآن: (من ماء دافق)
  • الفرق بين الماءين: ماء الرجل سائل أبيض، وماء المرأة سائل أصفر.

اقرأ أيضاً الإشارات الكونية في سورة النحل

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى