2025-02-03 10:50 م
إدارة الموقع
2025-02-03 10:50 م
معجزات من القرآن

الإشارات الكونية في سورة المعارج

جاءت الإشارات القرآنية لتبيان عدد من الحقائق الكونية الغائبة عن الناس، وقد وردت بتعبيرات دقيقة، شاملة ، جامعة، مفصلة، ومجملة تستحث حدس الإنسان بالتوجه نحو هذه الإشارات، وتقوده إلى إعمال العقل، والفكر، حيث أن تلك الإشارات محيط تستقي منه المعرفة الإنسانية كل ما غاب عن علمها عبر الزمان، والمكان، وتبقى هذه الإشارات الرافد الحقيقي للمعرفة الإنسانية، وبصيص النور الذي يقود الإنسان إلى اكتشاف، ومعرفة، وإدراك ما غاب عن إدراكه، وقد وردت مفرقة بين سور القرآن الكريم حسب مقتضى السياق، والإخبار،والأحداث، فهناك آيات كونية عديدة تضمنتها عدة سور، ففي سورة المعارج إشارات يمكن إيجازها فيما يلي:

  الآيات الكونية التي استشهدت بها سورة المعارج

  1.  وصف الحركة في السماء بالعروج، وأن الملائكة والروح تعرج إلى الله -تعالى- الذي وصف ذاته بالوصف (ذي المعارج)، والعروج بمعنى ارتفاع كل شيء، وتحركه في صفحة السماء في خطوط متعرجة، وهو حقيقة علمية لم تدرك إلا في أواخر القرن العشرين.
  2.  التعبير القرآني المعجز الذي يقول فيه ربنا تبارك وتعالى: (تعرج الملائكة والروح…)، المعارج إشارة إلى سرعات فائقة في الكون تأكيدًا على تواصل المكان والزمان، وعلى تعاظم أبعاد الكون، وإلى نسبية كل شيء في العلم النسبي للإنسان بحكم نسبية مكانه من الكون وزمانه (عمره)، ونسبية كل حواسه وقدرات عقلة ومحدوديتها، والنسبية لم تدركها معارف الإنسان إلا في مطلع القرن العشرين.
  3.  وصف السماء بأنها سوف تكون يوم القيامة كالمهل.
  4.  وصف الجبال بأنها سوف تكون يوم القيامة كالعهن.
  5.  وصف طبيعة النفس البشرية عامة بالهلع والجزع عند وقوع الشر وبالبطر والشح عند نزول النعمة إلا المصلين.
  6.  القسم بالمشارق والمغارب فيه إشارة ضمنية رقيقة إلى كروية الأرض، ودورانها حول محورها، وجريها في مداراتها، فلولا ذلك ما تعددت المشارق والمغارب قط.
  7.  الإشارة إلى خلق الإنسان من ماء مهين.

المدلول العلمي للآية الكريمة

● {فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُون} [المعارج:40]

أولاً– المشارق والمغارب بالنسبة إلى الأرض:

1 – مشرق الأرض ومغربها: إن النجم القطبي يبقى ثابتًا في مكانه بالنسبة للأرض، وهو يقع على امتداد محور دوران الأرض حول نفسها تماماً، وبذلك يحدد لنا اتجاه الشمال الحقيقي، ويتعامد على هذا الاتجاه يميناً شرق الأرض ويساراً غربها، أي: اتجاه الشرق الحقيقي والغرب الحقيقي بالنسبة للأرض ككوكب، ويبقى النجم القطبي بمثابة البوصلة الكونية المعلقة في السماء الدنيا لإرشاد أهل الأرض إلى الاتجاهات الأربعة الأصلية، قال تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون} [النحل:16].

2 – مشارق الأرض ومغاربها: بدوران الأرض حول محورها دورة كاملة كل (٢٤) ساعة في زماننا الراهن، يتحدد يوم الأرض الذي يتقاسمه الليل والنهار وبدوران القمر دورة كاملة حول محوره وحول الأرض في مدة تقدر بحوالي (٥. ٢٩) يوماً، يحدد شهر الأرض القمري، ويتم القمر اثنتي عشرة دورة كاملة حول الأرض في كل دورة كامله للأرض حول الشمس تقريباً؛ وبذلك يتحدد طول السنة القمرية بحوالي (٣٥٤) يوماً، وتقسم إلى اثني عشرة شهراً قمرياً محدداً

وتسبح الأرض وقمرها حول الشمس في مدار محدد ليَتِما دورة كاملة في مدة تقدر بحوالي (٢٥. ٣٦٥) يوماً، تحدد السنة الشمسية للأرض وهي تزيد على السنة القمرية بحوالي (١١) يوماً، وبسبب ميل محور دوران الأرض على الخط الواصل بين مركزي الأرض والشمس تتبادل السنة الشمسية فصولاً أربعة هي: (الربيع والصيف والخريف والشتاء)، وبواسطة تتابع (بروج السماء) التي تمر بها الأرض في أثناء سبحها في مدارها حول الشمس، يمكن تقسيم السنة الشمسية إلى اثني عشر شهراً، وكان قدماء المصريين قد قدروا السنة الشمسية بحوالي(٣٦٥) يوماً، وتلاهم البابليون في الربط بين محيط الدائرة الذي يبلغ (٣٦٠) درجة وبين عدد أيام السنة الشمسية، ويشكل هذا الربط أساس تقسيمات السنه إلى (٦٠) دقيقة، والدقيقة إلى (٦٠) ثانية، وكانت ملاحظة تغيير المواقع الظاهرية للشمس بالنهار بين شروقها وغروبها وسيلة من وسائل إدراك مرور الزمن وتتبع حركاته.

ويعد خط الطول (١٨٠) هو الخط العالمي للتاريخ، والمكان الواحد على سطح الأرض، له مشارق ومغارب عديدة على مدار السنة.

في (٢١/٠٣) من كل عام يقع الاعتدال الربيعي، وفي (٢٣/٠٩) يقع الاعتدال الخريفي في نصف الكرة الشمالي، يتساوى الليل والنهار لتعامد أشعة الشمس على خط الاستواء، وفي (٢١/٠٦)من كل عام يقع الانقلاب الصيفي في نصف الكرة الشمالي لتعامد أشعة الشمس على مدار السرطان، ويكون النهار أطول نهاراً في السنة، وتتمتع المنطقة الواقعة حول القطب الشمالي بنهار يدوم (٢٤) ساعة، ويحل ليل مدته (٢٤)على المناطق الواقعة حول القطب الجنوبي، ويكون النهار أقصر ما يكون في نصف الكرة الجنوبي، وفي (٢١/٠٦) عند خط الاستواء فيساوي طول الليل والنهار على مدار السنة، وفي (٢٢/١٢) من كل عام يقع الانقلاب الشتوي في نصف الكرة الشمالي؛ حيث تتعامد أشعة الشمس على مدار الجدي، وتتمتع المنطقة حول القطب الجنوبي بنهار يدوم (٢٤) ساعة كاملة، بينما وتتمتع المنطقة حول القطب الجنوبي بليل يدوم (٢٤) ساعة كاملة.

وبهذا الاستعراض يتضح تعدد المشارق والمغارب بتبادل الأيام والفصول على الموقع الواحد في كل سنه، وبتعدد المواقع على خط العرض الواحد مع تعدد خطوط الطول، وعلى خط الطول الواحد يتعدد خطوط العرض، ويتعدد كل ذلك بتعدد المشارق والمغارب تعددًا مذهلاً، قال تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُون}[المعارج:40].

3 – مشرق الأرض ومغربها: نتيجة لدوران الأرض حول محورها انبعجت قليلاً عند خط الاستواء، وتفلطحت عند القطبين؛ ونتيجة لذلك أصبح للمشارق والمغارب العديدة نهايتان، ممثلاً أقصى زمانين ومكانين لكل من شروق الشمس وغروبها على أقصى بقعتين من بقاع الأرض، تمثل كل منهما مرة أقصى الشروق ومرة أقصى الغروب، ومن هنا كان للأرض مشرقان ومغربان، قال تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْن} [الرحمن:17].

ثانياً– المشارق والمغارب بالنسبة لباقي أجرام السماء:

من الواضح أن المؤثرات السابقة كلها على زمانيّ ومكانيّ شروق الشمس وغروبها، تشترك في التأثير على زمانيّ ومكانيّ شروق القمر وغروبه، ويزيد عليهما بالنسبة للقمر عامل آخر هو مقدار (خط عرض القمر السماوي)، وهو يتغير في حدو(٥) درجات تقريباً إيجابياً وسلبياً، وعندما يكون خط العرض السماوي للقمر صفر فإنه يتحد في غروبه مع الشمس؛ وبذلك يكون للقمر العديد من المشارق والمغارب، كما يكون له مشرق ومغرب ونهايتان لشروقه وغروبه.

وكذلك الحال مع بقية أجرام السماء والتي تأتي نتيجة لتكورها ولدورانها حول محاورها، ولسبحها حول أجرام أكبر، فإن مشارقها ومغاربها تتعدد تعدداً أكبر مع وجود نهايتين عظيمتين لكل من الشروق والغروب، ووجود اتجاهات أصلية لكل جرم سماوي تحدد له شروقه وغروبه.

اقرأ أيضاً الإشارات الكونية في سورة قاف

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى