2025-03-12 5:04 م
إدارة الموقع
2025-03-12 5:04 م
تفسير سورة الأنفال

الدرس السادس (سورة الأنفال)

من الآية (41-45) كيفية قسمة الغنائم وتكثير المؤمنين في بدر بأعين المشركين وتقليل المشركين بأعين المؤمنين

تحدثت الآيات في سورة الأنفال من 41 إلى 45 عن كيفية قسمة الغنائم وتكثير المؤمنين في غزوة بدر بأعين المشركين وتقليل المشركين بأعين المؤمنين، وهذه أبرز أهداف وتفسير للآيات:

أولاً/ أهداف الدرس

  1. بيان أن خمس الغنيمة لله والرسول (ص).
  2. إبراز تدخل القدرة الإلهية في غزوة بدر بتكثير المؤمنين بأعين المشركين وتقليل المشركين بأعين المؤمنين.

ثانياً/ التفسير والبيان

  1. (41) (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ…) الغنيمة ما أخذ من أموال الكفار قهر بقتال أو إيجاف خيل أو ركاب من الغنم وهو الفوز يقال: غنماً وغنيمة إذا ظفر بالشيء وأما ما أخذ منها بغير قتال ولا إيجاف فهو الفيء والغنيمة تخّمس فيعطى أربعة أخماسها ملكاً للمقاتلين الذين أحرزوها والخمس الباقي كان في عهد النبي خمسة أسهم للرسول (ص) (وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وقوله تعالى (فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ) فحكمه أن لله خمسه وذكر الله البيان أنه لابد في الخمس من إخلاصه له تعالى وأنه هو الحكم به فيقسمه كيف شاء وليس المراد أن له سهماً منه مفروضاً لان له كل شيء فسهم الله وسهم رسوله شيء واحد أما بعده (ص) فقد سقط سهمه كما سقط سهم ذوي القربى وإنما يعطون لفقرائهم ولا يعطى أغنيائهم فيقسم الخمس على اليتامى والمساكين وأبناء السبيل وقيل يصرف سهم الرسول (ص) بعده لمصالح المسلمين وما فيه قوة لهم (يوم الفرقان) يوم بدر الذي فرق فيه بين الحق والباطل.
  2. (42) (بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا) بجانب الوادي وحافته الأقرب إلى المدينة (وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى) بالجانب الآخر الأبعد منها (والدنيا) تأنيث الأدنى بمعنى الأقرب (والقصوى) مؤنث الأقصى أي الأبعد (وَالرَّكْبُ) العير وأصحابها أبو سفيان ومن معه (أَسْفَلَ مِنكُمْ) في مكان أسفل من مكانكم إلى ساحل البحر الأحمر على ثلاثة أميال من بدر (وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ…) لو توعدتم أنتم وهم للقتال ثم علمتم حالهم وحالكم لتخلفتم عن لقائهم في الميعاد هيبة منهم وبأساً من الظفر بهم بسبب قلّتكم وكثرتهم وضعفكم وقوتهم (وَلَـكِن) تلاقيتم على غير موعد (لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً) وهو نصركم وخذلانهم (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ) ليموت من يموت عن حجة عاينها (وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ) ويعيش من يعيش عن حجة شاهدها فلا يبقى مجال للتعلل بالأعذار أو ليكفر من كفر ويؤمن من آمن عن حجة واضحة ظاهرة.
  3. (43) (لَّفَشِلْتُمْ) لجبنتم وتهيبتم عن الإقدام عليهم لكثرة عددهم من الفشل وهو ضعف مع جبن.
  4. (44) (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) حين الالتقاء قبل الالتحام حتى قال أبو جهل (إنما هم أكلة جزور) وذلك ليجتروا عليكم ويتركوا الاستعداد والاستمداد ثم عند الالتحام كثّركم في أعينهم حتى رأوكم مثليهم لتفاجئهم الكثرة فيبهتوا ويهابوا لتضعف قلوبهم وينهزموا فيتمكن منهم المسلمون قتلاً وأسراً وأما تقليلهم في أعين الكفار في قوله تعالى (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) فهو قبل ذلك ليطمعوا ولا يجبنوا عن قتالكم.

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(فرق) وردت على (3) أوجه

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى النصر قال تعالى (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ) وقال تعالى (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ)
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى المخرج من الضلال قال تعالى (وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى القرآن الكريم قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) وقال تعالى (وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ)

رابعاً/ غزوة بدر المعركة الحاسمة الأولى للإسلام

ذكرت في القرآن الكريم في (42) آية

أولا/ لموقف العام :

  1. موقف المسلمين: ازداد عدد المسلمين في المدينة المنورة وازدادوا قوة وتماسكاً ولكن حالتهم الاقتصادية كانت متردية لأن أكثر المهاجرين فروا بأنفسهم وعقيدتهم من مكة المكرمة وتركوا أموالهم هناك ولأن الأنصار شاركوا المهاجرين في أرزاقهم القليلة فلا عجب إذا رأينا المسلمين يفكرون جدياً في استخلاص أموالهم من قريش.
  2. موقف المشركون:
    • أصبح للمشركين ثأر عند المسلمين في قتل عمرو بن الحضرمي فلابد للأخذ بهذا الثأر حتى تعود لقريش وحلفائها كرامتهم وهيبتهم عند العرب.
    • كما أن الطريق التجارية الحيوية بين الشام ومكة أصبحت تحت رحمة المسلمين وحلفائهم ومعنى ذلك موت تجارة قريش وتردي مركزها الاقتصادي.
    • كما أن انتشار نفوذ المسلمين وازدياد قوتهم يوماً بعد يوم لا يتفق مع احتكار قريش للسيادة على العرب مما دفع قريش لانتهاز أول فرصة للقضاء على المسلمين.
  3. موقف اليهود
    • كان يهود في المدينة يثيرون الحرب الباردة ضد المسلمين ويحاولون خلق مشاكل لهم ويقومون بتحريض أعداء المسلمين على المسلمين.

ثانيا/ قوة الطرفين:

  • قوة المسلمين: كان عددهم (305) رجلاً من المهاجرين والأنصار (73) مهاجراً (231) أنصارياً بقيادة الرسول (ص) ومعهم فرسان و(70) بعيراً.
  • قوة المشركين: بلغت قوة المشركين (950) رجلاً أكثرهم من قريش و(72) فرساً وكثير من الإبل تقارب (1000) بعير وما تحمله من الإمكانات ما يقارب (50000) دينار.

ثالثا/ أهداف الطرفين:

  • أهداف المسلمين:
    1. الاستيلاء على القافلة واستعراض القوة والاستعداد للمواجهة.
    2. البقاء في بدر بعد افلات القافلة حتى يتسامع المشركون بقوة المسلمين.
  • 2- أهداف المشركين:
    1. حماية القافلة التجارية القادمة من الشام
    2. الأخذ بالثأر من المسلمين لعمرو بن الحضرمي
    3. لتعرف العرب قوة قريش وسطوتها
    4. لتضع حداً لتهديد المسلمين لطريق الشام

رابعا/ الاستعداد للمعركة قبل بدأها  

1ـ المسلمين:

  1. أراد المسلمون اعتراض قافلة قريش التجارية وهي ذاهبة إلى الشام في غزوة (العشيرة) الا أنها تملصت منهم
  2. وعند عودة القافلة التجارية أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد ينتظرونها وعندما مرت جاءا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرانه؛ فخرج الرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه في (8) من رمضان السنة الثانية للهجرة ليعترضوها ولكنها أفلتت وكانت الترتيبات للمسلمين على النحو الآتي:
    • أولاً دورية استطلاعية أمامية للحصول على المعلومات عن اتجاهات القافلة التجارية ونيات قريش.
    • ثانياً تقسيم الجيش إلى قسمين القسم الأول المقدمة وهو الأكبر مؤلف من كتيبتين: كتيبة المهاجرين وكتيبة الأنصار قادتها: علي بن أبي طالب وعمير بن هشام (مهاجرين) وسعد ابن معاذ (انصاري)، القسم الثاني المؤخرة وهو الأصغر قائدها قيس ابن أبي صعصعة.
  3. سلكت قوات المسلمين طريق القوافل بين المدينة وبدر البالغ طولها (160) كم.
  4. بعد ما أرسل الرسول (ص) دورية الاستطلاع عادوا اليه بالخبر الآتي:
    • افلتت القافلة
    • خروج قريش لنجدة قافلتهم ومواجهة المسلمين.
  5. بعد ما بلغ الرسول الخبر بإفلات القافلة وخروج قريش لنجدة قافلتهم ومواجهة المسلمين جمع الرسول (ص) أصحابه لمشاورتهم فكان قرارهم بالإجماع مواجهة قريش.
  6. أرسل الرسول (ص) دورتين لغرض الاستطلاع عن قريش: مكانها وقواتها فعرف من خلالهما قوات العدو وقادتهم وإمكانياتهم.
  7. وقوف الرسول (ص) وأصحابه في مكان استراتيجي تمكنوا فيه من السيطرة على الماء.

2- المشركون:

بعد ما أبلغهم أبو سفيان بواسطة ضمضم بن عمرو الغفاري بأن الرسول (ص) وأصحابه خرجوا من المدينة يريدون قافلتهم العائدة من الشام والتي تتكون من ألف بعير محملة بالتجارة خرجت قريش عن بكرة أبيها لمواجهة الرسول (ص) وأصحابه لتحقيق أهدافها المذكورة آنفاً. وبعد أن أبلغهم أبو سفيان (وقد خرجوا) بأن القافلة نجت حدث خلاف بينهم وكان هناك رأيان أما الرجوع أو المواجهة فقرروا المواجهة.

خامسا/ البدء في المعركة وسير القتال:

ترتيب المسلمين لسير المعركة على النحو التالي:

  • انتخب الرسول عليه الصلاة والسلام موضعاً مشرفاً على منطقة القتال في بدر وبنى فيه مقراً له (العريش) وأمن حراسة هذا المقر.
  • جرى ترتيب المقاتلين في صفوف
  • كانت كلمة التعارف بين المسلمين وشعارهم في القتال أحد أحد.

ترتيب المشركون

  • مارسوا أسلوب الكر والفر دون قيادة منظمة ولا سيطرة بحيث جرى قتالهم كأفراد لا مجموعات موحدة.
    بدأت الحرب بالمبارزة بين ثلاثة من المسلمين وثلاثة من المشركين وكانت النتيجة انتصار المسلمين في المبارزة وبداية المعركة صباح يوم الجمعة 17 رمضان في السنة الثانية للهجرة.

سادسا/ خسائر الطرفين:

  • خسائر المسلمين البشرية استشهد (14) مسلماً (6) من المهاجرين و (8) من الأنصار.
  • خسائر المشركين البشرية قتل (70) رجلاً وأسر (70) رجلاً.

سابعا/ أسباب انتصار المسلمين:

  1. قيادة موحدة
  2. تعبئة جديدة طبقها الرسول عليه الصلاة والسلام
    • مسير الاقتراب
    • وأسلوب الصفوف، الصفوف الأولى من المسلمين كانوا يقاتلون بالرماح والصفوف المتعاقبة من المسلمين كانوا يقاتلون بالنبال وقوة احتياطية
  3.  عقيدة راسخة
  4. معنويات عالية

ثامنا/ دروس من غزوة بدر:

  1. الاستطلاع الفاعل
  2. القيادة الحكيمة
  3. الضبط والمعنويات المرتفعة
  4. في القضايا التعبوية:
    • في مسير الاقتراب
    • الصفوف في القتال
    • كلمة التعارف (أحد أحد)
  5. القضايا الإدارية:
    • الاقتصاد في الإنفاق
    • السيطرة على الماء
    • الاستيلاء على كثير من الغنائم
    • كثرة الأسرى من المشركين
    • كثرة  القتلى والجرحى من المشركين وقلة ذلك من المسلمين

خامساً/ وقفات مع الآيات في سورة الأنفال

  1. الوقفة الأولى: الخلاف حول مدلول الغنائم والأنفال والخلاف حول تقسيم الخمس الخامس الذي هو لله ولرسوله والخلاف حول خمس الخمس الذي هو لله وكيف يقسم، والخلاف حول خمس الخمس أهو خمس الرسول أو هو مستقل، والخلاف حول خمس ذي القربى أهو باق أم هو للإمام ومن الراجح أن الخمس الذي هو لله ولرسوله ولأولي القربى ينفقه الحاكم بما يواجه به الحاجة الواقعية عند وجود ذلك هذا. توضيحه وتفصيله في الفقه.
  2. الوقفة الثانية: من أبرز مظاهر الإيمان قبول شرع الله والتسليم له وتتواتر النصوص لتقرر بأن قبول شرع الله والتسليم له هو مدلول الإيمان وحقيقته وشرطه ومقتضاه وأن الجهاد الذي يقوم به المجاهدون في سبيل الله له وحده سبحانه وأن الغنائم فضل منه سبحانه لهم وليس حق لهم مقابل جهادهم وأيضاً بأن الذي يمنحهم النصر هو الله.
  3. الوقفة الثالثة: إن الذين يستنكفون أن يكونوا عباداً لله وحده يقعون ضحايا لأخطاء عبودية هي عبودية الهوى والشيطان ومخلوقين آخرين لا يملكون لهم ضراً ولا نفعاً.
  4. الوقفة الرابعة: إن غزوة بدر هي فرقان بين الحق والباطل وهي فرقان بين عهدين في تاريخ الحركة الإسلامية عهد الصبر والمصابرة والتجمع والانتظار وعهد القوة والحركة والمبادأة، وهي فرقان بين عهدين في الحياة البشرية: عهد الظلم والاستبداد والفوضى وعهد العدل والنظام والشورى، وهي فرقان بين تصورين لعوامل النصر وعوامل الهزيمة وبأن الحق لا يتحقق في الواقع ولا يبطل الباطل إلا بتحطيم سلطان الباطل ويعلوا سلطان الحق.
  5. الوقفة الخامسة: إن الهلاك المذكور بقوله تعالى (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ…) يعبر به عن مدلوله المباشر كما يعبر به عن الكفر، وكذلك الحياة فإنها قد تفيد مدلولها المباشر وقد يعبر بها عن الإيمان فيكون هلاك الهالكين عن بينه واضحة لا لبس فيها ولا غبش أو حياة من يحيون عن بينة واضحه لا لبس فيها.
  6. الوقفة السادسة: إن الله قلل المشركين بنظر المؤمنين عبر الرؤيا التي رآها الرسول (ص) ليكون دافعاً لهم على مواجهة أعدائهم بجرأة وشجاعة وعند التقاء الفريقين قلل المؤمنين في أعين المشركين ليقدموا للمعركة وهم مستهزئين بهم فكان ذلك فهزموا ولم يتقوا الهزيمة.

سادساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات في سورة الأنفال

  • الحكم الأول: تقسيم الله للغنائم إلى خمسة أقسام قسم لله ورسوله وبقية الأقسام للمقاتلين.
  • الحكم الثاني: وضوح الحجة بعد غزوة بدر بأن الحق واضح مع المؤمنين.
  • الحكم الثالث: الالتزام بعوامل النصر.

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى