لم يكتفي الله بالكشف عن المنافقين بسورة الأحزاب؛ بل علمنا أيضا كيف نواجههم وندحضهم كي نعلي راية الحق ونسقط الباطل، ووضح ذلك في الآيات الـ 16 و 17 و 18 فإليكم تفسيرها بالتفصيل
أولاً/ أهداف الدرس
- إبراز عدم نفع أساليب المنافقين التي يتخذونها ضد الرسول (ص).
- بيان عدم وجود عاصم غير الله.
- كشف حقيقة الذين يعرقلون عملية الجهاد في سبيل في سبيل الله.
ثانياً/ التفسير والبيان
- (17) (يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ) يمنعكم من قدره.
- (18) (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ) المثبطين عن القتال الصارفين الناس عن نصرة الرسول (ص) وهم طائفة من المنافقين كانوا يخذلون المسلمين، من العوق وهو المنع والصرف والتثبيط كالتعويق والإعتياق عوقه صرفه عن الوجه الذي يريده، (وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا) تعالوا إلى ما نحن فيه من الإقامة والأمن والدعة ولا تشهدون مع محمد قتالاً فإنا نخاف عليكم الهلاك، (وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ) الحرب والقتال (إِلاَّ قَلِيلاً) إلا إتياناً قليلاً حين لا يجدون منه مداً فيأتون رياء وسمعة لا احتساباً عند الله.
ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه
(فرر) جاءت على (4) أوجه
- الوجه الأول: وردت بمعنى الهرب قال تعالى (قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ…).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى الكراهية قال تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ…).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى عدم الإلتفات إلى أحد قال تعالى (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيه).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى التباعد قال تعالى (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا).
رابعاً/ وقفات مع الآيات
- الوقفة الأولى: في قوله تعالى (قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ…) إن قدر الله هو المسيطر على الأحداث والمصائر يدفعها في الطريق المرسوم وينتهي بها إلى النهاية المحتومة والموت أو القتل قدر لا مفر منه في موعده لا يستقدم لحظة ولا يستأخر لحظة ولا ينفع الفرار في دفع القدر المحتوم عن فار فإذا افروا فإنهم ملاقون حتفهم المكتوب.
- الوقفة الثانية: في قوله تعالى (قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ…) فلا عاصم من الله ولا من يحول دون نفاذ مشيئته سواء أراد بهم سوء أو أراد بهم رحمة ولا مولى لهم ولا نصير من دون الله يحميهم ويمنعهم من قدره ولا ينفع إلا الإستسلام لله سبحانه وتعالى.
- الوقفة الثالثة: في قوله تعالى (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ…) يبدأ هذا النص بتقرير علم الله المؤكد بالمعوقين الذين يسعون بالتخذيل في صفوف المسلمين الذين يدعون إخوانهم إلى القعود (وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً) ولا يشهدون الجهاد إلا لأنهم مكشفون لعلم الله ومكرهم مكشوف.