من الإشارات الكونية في سورة فصلت
إن فهم الإشارات الكونية في كتاب الله، على ضوء ما جمعته البشرية اليوم من معارف، وتم تقديمها للعالم كواحد من الأدلة العديدة على أن القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله بعلمه والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي حفظ بحفظ الله، بنفس اللغة التي أوحي بها، بدقائق حروفه وكلماته وآياته وسوره، يعتبر فتحا جديدا للإسلام، وإنقاذا للبشرية من الهاوية التي تتردي فيها اليوم، وفي مقال اليوم سوف نعرض لكم بعضا من هذه الإشارات التي جاءت في سورة فصلت:
الإشارات الكونية في سورة فصلت
من الإشارات الكونية التي استشهدت بها في سورة فصلت مايلي:
- خلق الأرض في يومين، أي على مرحلتين
- خلق الجبال
- مباركة الأرض بتثبيتها للعمران وتقدير أقواتها فيها في أربعة أيام، أي أربع مراحل شاملة المرحلتين السابقتين
- إتمام بناء الكون بجعل السماوات سبعا، كما أن الأرضين سبعا، وتزيين السماء الدنيا بالنجوم وجعها حافظا لها
- عقاب الكافرين من قوم عاد بريح صرصر عاتية
- عقاب الكافرين من قوم ثمود بالصاعقة والطاغية
- شهادة سمع الكافرين وأبصارهم وجلودهم على جرائمهم التي ارتكبوها في الحياة الدنيا
- قدرة الله تعالى على إنطاق كل شيء
- تبادل الليل والنهار مما يشير إلى دوران الأرض حول محورها
- حركات الشمس والقمر
- اهتزاز الأرض وربوها أي انتفاخها وارتفاعها إلى أعلى بمجرد نزول الماء عليها وذلك لكي ترق رقة شديدة فتنشق لتفسح طريقه سهلا أمنا للنبتة الطرية (السويقة) المنبثقة من داخل البذرة النابتة وتشبيه هذا بإحياء الموتى وإنبات عجب ذنبه، كما نبتت البقلة من حبتها سبقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم
- رد علم الساعة وعلم كل شيء إلى الله تعالى
- الوعد المستقبلي بأن الله تعالى سوف يرى الإنسان من آيات الخلق في الآفاق والأنفس ما يشهد بصدق كل ما جاء في القران الكريم
- التأكيد على أن من أسباب كفر الكافرين شكهم في إمكانية حدوث البعث لقياسهم على الله تعالى بمقاييس البشر والتأكيد على أن الله محيط بكل شيء
الدلالات اللغوية لألفاظ الآية الكريمة
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِين} [فصلت:10]
- باركه: (البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء بنمائه وزيادته بغير أسباب مدركة و (المبارك) هو ما فيه ذلك الخير الإلهي وأن الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحس
- قدرا: يقال في العربية (قدر) أي حدد كميته و (القدر) كمية الشيء أي مبلغه (ومقدار) الشيء المقدر له أو به وقتًا كان أو زمنًا او كيلًا هو كميته (وتقدير) الله الأشياء على وجهين أحدهما بإعطاء القدرة قال تعالى {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُون} [المرسلات:23] والثاني بأن يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسب ما اقتضت الحكمة قال تعالى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:3] (القمر) (49) المزمل (20) عبس (19) الاعلى (٣)
- الأقوات: القوت هو كل ما يقتاد به وما يمسك الرمق أي ما يقوم به بذات الإنسان وغيره من الكائنات الحية من الطعام وجمعه (أقوات) أيام اليوم هو الفترة الزمنية من طلوع الشمس إلى غروبها وقد يعبر بلفظه (اليوم) عن مدة من الزمن، أي كان طولها أو فترة من الفترات أو مرحلة من المراحل بغض النظر عن الزمن الذي استغرقته (سواء) يعدل في الحكم بين الفرقان (فالسواء) العدل
أيام الخلق الستة في منظور العلوم الكونية
يرى أهل العلم أن مراحل خلق الكون الست جاءت حسب الترتيب التالي:
- مرحلة الرتق: وهي مرحله الجرم الاول الذي بدا منه خلق السماوات والارض
- مرحله الفتق: وهي مرحلة انفجار الجرم الاول وتحوله الى سحابة من الدخان
- مرحله تخلق العناصر في السماء الدخانية عبر تخلق المادة والمادة المضادة وتكون نويان الإيدروجين والهيليوم وبعض الليثيوم
- تخلق الأرض وبعض أجرام السماء بانفصال دوامات من السحابة الدخانية الأولى وتكتفها على ذاتها بفعل الجاذبية وإنزال الحديد عليها
- مرحلة دحو الأرض وتكوين أغلفتها الغازية والمائية والصخرية وتصدع الغلاف الصخري للأرض وبدء تحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض، وتكون القارات وقيعان المحيطات والجبال، وبدء دورات الماء والصخور وتبادل القارات والمحيطات وشق الأودية والفجاج والسبل والتعرية وتسوية سطح الأرض وتكون التربة وخزن المياه تحت السطحية
- مرحله خلق الحياة من أبسط صورها إلى خلق الإنسان بعد عمر الكون بما يتراوح بين (10 و 15) مليون سنة بينما يقدر أقدام صخور الأرض بنحو (٤ و ٦) ملايين سنة، وتشير الآيات القرآنية (29) من سورة البقرة (٩_١٢) فصلت إلى سبق خلق الأرض لعمليه تسوية السماء الدخانية الأولى إلى سبع سماوات، ويبدو أن المقصود هنا بالسبق هو خلق عناصر الأرض والذي نراه مجمع تلك العناصر على هيئة الأرض الابتدائية والتي تم جمعها بوابل من النيازك الحديدية وتمايزها إلى سبع اراضين ثم دحوها وتكوين أغلفتها الغازية والمائية والصخرية وتشكيلها إلى صورتها الحالية وذلك لأن خلق السماوات والأرض عمليتان متلازمتان لا يمكن لأحدهما أن ينفصل عن الأخرى
تقدير أقوات الأرض في منظور العلوم الكونية
هي من حكمة الله البالغة في الخلق حيث أن النبات كان سابقا معتمد في وجوده على الحيوان لأن الله تعالى قد أعطاه القدرة على صناعة غذائه بعملية التمثيل الضوئي مستمدا من طاقة الشمس وغازات الجو ومياه الأرض ومعادنها، أما الحيوان فيعتمد في غذائه على النبات أو على افتراس غيره من الحيوان إذا كانت له القدرة على ذلك، وأقدم اثر للحياة على اليابسة لا يتعدى عمره 450 مليون سنه وقد بدأ بالنباتات الأرضية التي عمرت الأرض وسادت سيادة هائلة مما ساعد على تكوين راقات الفحم من بقاياها في عنصر سمي باسم عنصر الفحم (وامتد إلى 300 مليون سنه مضت واستمرت الحياة الارضية في الإزدهار، حتى اكتملت بخلق الملايين من أنواع الحياة النباتية والحيوانية، ولعب كل نوع منها دورا مهما في استقبال المراحل التالية عليه كما لعبت بقاياها دورا هاما في تكوين النفط والغاز ولعبت عوامل التعرية والحركات البانية للجبال دورها في تمهيد الأرض وتهيئتها لاستقبال هذا المخلوق المكرم المعروف بأسم الإنسان.
من الدلالات العلمية للآية الكريمة في سورة فصلت
{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون} [فصلت:37]
تبادل الليل والنهار في منظور العلوم الكونية: إن التبادل المنتظم بين الليل المظلم والنهار المنير على نصفي الكرة الأرضية من الضرورات اللازمة للحياة الأرضية ولأجل استمرار وجودها بصورها المختلفة حتى يرث الله الأرض ومن عليها فبهذا التبادل تنظم الطاقة الشمسية التي تصل إلى الارض ودرجات الحرارة والرطوبة وكميات الضوء من مختلف البيئات الأرضية والأنشطة الحياتية وغير الحياتية مثل التنفس (وهو عملية تحويل يحول فيها الجسم الطعام والشراب إلى طاقة في الإنسان والحيوان) والتمثيل الضوئي ( هي العملية التي تحول بها النباتات ثاني أكسيد الكربون والماء إلى النشويات وغيرها) وغير ذلك
الشواهد العلمية المستفادة من تبادل الليل والنهار
- التأكيد على كروية الأرض
- التأكيد على دوران الأرض حول محورها امام الشمس (…وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون} [يس:40]
- التأكيد على الرقة الشديدة لطبقة النهار في الغلاف الغازي لنصف الأرض المواجهة للشمس {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُون} [يس:37] يس (٣٧) وقدرها (٢٠٠) كم إذا نسبنا هذه المسافة بين الأرض والشمس والمقدرة ب (مائة وخمسين مليون كم فأنها تساوي واحد إلى (٧٥٠٠٠٠كم)
- الإشارة إلى ان لليل الأرض كان في بدء الخلق يحاط بعدد من الظواهر الكونية قال تعالى {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا} [الإسراء:12]