2025-02-04 1:57 ص
إدارة الموقع
2025-02-04 1:57 ص
معجزات من القرآن

من الإشارات الكونية في سورة الرعد

إن فهم الإشارات الكونية في كتاب الله‏،‏ على ضوء ما تجمع للبشرية اليوم من معارف‏، وتقديمها للعالم كواحد من الأدلة العديدة على أن القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله بعلمه والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏،‏ والذي حفظ بحفظ الله‏، بنفس اللغة التي أوحي بها‏،‏ بدقائق حروفه وكلماته وآياته وسوره،‏ يعتبر فتحا جديدا للإسلام،‏ وإنقاذا للبشرية من الهاوية التي تتردي فيها اليوم، وفي مقال اليوم سوف نعرض لكم بعضا من هذه الإشارات التي جاءت في سورة الرعد:

الإشارات الكونية في سورة الرعد

استشهدت سورة الرعد بعدد كبير من الآيات الكونية التي يمكن إيجازها فيما يلي:

  1. رفع السماوات بغير عمد مرئية، أي بعمد غير مرئية، أو بواسطة أخرى غير العمد المرئية
  2. تسخير الشمس، والقمر، وجعل كل منهما يجري لأجل مسمى تأكيدا على نهاية الكون.
  3. مدّ الأرض، وخلق الجبال رواسي لها، ومنابع للأنهار الجارية على سطحها.
  4. خلق كل شي في زوجية، واضحة؛ لأن الله هو المتفرد وحده.
  5. إغشاء الليل بالنهار في إشارة واضحة لدوران الأرض حول محورها أمام الشمس.
  6. الإشارة إلى تقسيم الغلاف الصخري للأرض بواسطة شبكة من الصدوع (قطع متجاورة).
  7. الإشارة إلى تفضيل الله لبعض الثمار على بعض في الأكل على الرغم من تشابهما أحيانا، ومنبتها في تربة واحدة، وتسقى من ماء واحد.
  8. الإشارة إلى علم الله تعالى بما تحمل كل أنثى، وما تفيض الأرحام ،وما تزداد وأن كل شيء عنده بمقدار.
  9. التأكيد على أن الله لا يخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء.
  10. الإشارة إلى عدد من الظواهر الكونية المبهرة، كالرعد، والبرق، والصواعق.
  11. الإشارة إلى إنشاء السحاب الثقال، وإلى إنزال المطر منها.
  12. التأكيد على سجود من في السماوات، والأرض لله طوعاً، وكرها.
  13. الإقرار بأن الله تعالى خالق كل شيء.
  14. التأكيد على إنقاص الأرض من أطرافها.
  15. تشبيه الباطل بزبد السيل، وتشبيه الحق بما يمكث في الأرض مترسبا من ماء السيل من الجواهر، والمعادن النفيسة، والنافعة.

من الإشارات الكونية التي ذكرت في هذه الآية

{اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُون} [الرعد:2]

  • رفع السماوات بغير عمد يراها الناس، مع ضخامة أبعادها، وتعاظم أجرامها عددا، وحجما، وكتلة هو من أوضح الأدلة على أن هذا الكون الشاسع الدقيق البناء المحكم الحركة، والمنضبط في كل أمر من أموره على أن الذي أوجده الله –سبحانه- الذي لا يشبهه شيء في الأرض، ولا في السماء، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} [الشورى:11]

معاني الكلمات:

  1. معنى لفظة (عمد): العمد على الشيء وهو الاستناد إليه، والعمود ما تقام به، أو تعتمد عليه الخيمة من خشب، أو نحوه، ويعرف باسم (عمود البيت).
  2. لفظة (العمد) في القران الكريم: وردت لفظة (عمد) في القران الكريم في ثلاثة مواضع على النحو التالي:
    • {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا…} [الرعد:2]
    • (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [لقمان:10]
    • {فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَة} [الهمزة:9]
  3. ووردت لفظة (عماد) في موضع واحد، قال تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد} [الفجر:7]
  4. (العمد)غير المرئية في العلوم الكونية من القوى التي تعرف عليها علماء الكون:
    • القوة النووية الشديدة: وهي القوى التي تقوم بربط الجزئيات الأولية للمادة  داخل نواة الذرة برباط متين، مثل: البروتونات …. وهذه القوى تحمل جسيمات غير مرئية تسمى باسم (اللاحمة)
    • القوة النووية الضعيفة: وهي قوة ضعيفة ، وذات مدى ضعيف للغاية لا يتعدى حدود الذرة، وتسوى (٢٠و١٣) من شدة القوة النووية الشديدة، وتحمل هذه القوة على جسيمات إما سالبة، أو عديمة الشحنة تسمى (البوزونات)
    • القوى الكهربائية المغناطيسية: وهي القوى التي تربط الذرات بعضها ببعض داخل جزائيات المادة مما يعطى للمواد المختلفة صفاتها الطبيعية، والكيميائية، وتبلغ قوتها (١و137) من الشديدة.
    • قوة الجاذبية على المدى القصير: تعتبر أضعف القوى المعروفة لنا، وتساوي (39,10) من القوى النووية الشديدة؛ ولكن على المدى الطويل تصبح القوى العظمى في هذا الكون نظرا لطبيعتها التراكمية، فتمسك بكافة أجرام السماء، وبمختلف تجمعاتها، ولولاها لانفرط عقد الكون ،وانهارت مكونات؛ والجاذبية مرتبطة بكتل الأجرام، وبمواقعها بالنسبة لبعضها البعض.
  5. توحيد القوى المعروفة في الكون المدرك، فالكون: عبارة عن المادة، والطاقة ينتشران في المكان، والزمان بنسب، وتركيزات متفاوتة، فينتج عنها ذلك النسيج المحكم المحبوك في كل جزئية من جزئياته.
    • الجاذبية العامة: إن الجاذبية العامة سنة من سنن الله في الكون أودعها ربنا تبارك، وتعالى كافة أجزاء الكون، ليربط تلك الأجزاء ببعضها؛ فهي تربط بين الكتل الضخمة ،وهي القوى الرافعة للسماوات بإذن الله بغير عمد مرئية، وهي التي تحكم تكور الأرض، ودورانها، وتكون جميع أجرام السماء، وتكور الكون كله.
    • موجات الجاذبية: إن موجات الجاذبية تسبح في الكون؛ لتربط كافة أجزائه برباط، وتبق من نواة الذرة إلى المجرة العظمى، وتجمعاتها إلى كل الكون ،وهي من سنن الله الأولى التي أودعها الله تعالى مادة الكون، والزمان، والمكان.
    • الفرق بينها، وبين قوة الجاذبية: قوى الجاذبية: تمثل قوة الجذب للمادة الداخلية في تركيب جسم ما حين تتبادل الجذب مع جسم آخر، أما الموجات فهي أثر لقوى الجاذبية (يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ[الأنبياء:104]

الدلالة العلمية للنص القرآني الكريم في سورة الرعد:

(اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) [الرعد:2]

إن من المعاني:- أن كلا منهما يجرى لأجل مسمى، (أن الكون ليس أزلي ولا بأبدي).

أولاً- من جوانب تسخير الشمس:

  • الاتزان الدقيق بين تجاذب مكونات الشمس، وتمددها، والشمس: هي أقرب نجوم السماء إلى الأرض التي تبعد عنها بمسافة (١٥٠) مليون كم، والشمس نجم عادي متوسط الحجم على هيئة كرة من الغاز الملتهب يبلغ قطرها مليون، وأربعمائة ألف/ كم، وحجمها (١٤٢) مليون مليون/كم مكعب؛ وتقدر كتلتها بنحو الفي تريليون تريليون طن، ويمثل ذاك حوالى (٩٩٪) من كتلة المجموعة الشمسية كلها، والشمس: عبارة عن فرن نووي كونى عملاق، عمره أكثر من عشرة بلايين من السنين، يرتفع الضغط في داخله إلى ما يساوى أربعمائة مليار ضغط جوي، وترتفع  درجه حرارة لب الشمس إلى أكثر من (١٥) مليون درجه مطلقه، تتناقص بالتدريج إلى حوالي ستة آلاف درجة مطلقة عند سطحها، وإن تجاوزت المليون درجة في ألسنة اللهب المندفعة من داخلها.
  • تسخير طاقة الشمس من أجل ضبط حركة الحياة على الأرض: تطلق الشمس من مختلف صور الطاقة ما يقدر بحوالي خمسمائة ألف مليون مليون حصان في كل ثانيه من ثواني عمرها، ويصل إلى الأرض من هذا الكم الهائل من الطاقة حوالي الواحد في الألف.
  • تكوين نطاق الحماية المختلفة للأرض بفعل طاقة الشمس: شاءت إرادة الله – تعالى- أن تحمى الحياة على سطح الأرض بعدد من نطق الحماية التي تلعب أشعة الشمس الدور الأول في تكوينها -بعد إرادة الله- وأولها من الخارج إلى الداخل، وهي النطاق المغناطيسي للأرض وأحزمة الإشعاع، ونطاق الأوزون

ثانيا- تسخير القمر:

القمر: تابع صغير للأرض يبعد عنها بمسافة تقدر بحوالي (ثلاثمائة ،وأربعة، وثمانين ألف، وأربعمائة كيلو متر في المتوسط، وهو على هيئة شبه كرة من الصخر يقدر قطره بحوالي (٧٤٧٤) كم، ومساحة سطحه بحوالي (٣٨) مليون كم مربع، وحجمه (22) مليون مليون/كم مكعب، وكتلته حوالي (٧٣٥) مليون مليون طن، ويتمثل تسخير القمر في النقاط التالية:

  • تحديد الشهر القمري بدورة القمر حول الأرض حيث يدور القمر حول الأرض في مدار شبه دائري يقدر طوله (2,4) مليون كم، ليتم دورته الافتراضية في حوالي (٥و٢٩) يوما من أيام الأرض: وهي الشهر القمري
  • تسخير أطوار شكل القمر، لتقسيم الشهر إلى أسابيع، وأيام .
  • تسخير القمر وسيلة من وسائل إتمام عمليتي المد، والجزر.

ثالثاً-  الشواهد الحسية.

من الشواهد الحسية على حتمية فناء كل من الشمس، والقمر:

  • الشمس تفقد في كل ثانية من عمرها -على هيئة طاقة- ما يعادل (٦و٤)، ملايين طنا من كتلتها، مما يعنى أن الشمس تحترق بتدرج واضح ينتهي حتما إلى الفناء التام، ومع ذلك تأتى الساعة بغتة، وكذلك تفقد الأرض قدرا مناسبا من أجل بقاء المسافة بينهما ثابتة.

من الدلالات العلمية للآية الكريمة:

(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الرعد:4]

في هذه الآية الكريمة عددا من الحقائق العلمية التي يمكن إيجازها فيما يلي:

  1. أولاً- في قوله تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ) ، يشمل هذا التعبير القرآني المعجز الحقائق التالية:
    • تكوّن الغلاف الصخري للأرض من عدد من الألواح المتجاورة، والتي يقدر عددها (١٢) لوحا أرضيا كبيرا، بالإضافة إلى عدد صغير، ويفصل هذه الألواح عن بعضها البعض شبكة هائلة من الخسوف الأرضية التي تتراوح أعماقها بين (٦٥كم و١٥كم)، ويبلغ طولها عشرات الآلاف من الكيلو مترات، والتي تحيط بالأرض إحاطة كاملة.
    • تكون كل واحد من ألواح الغلاف الصخري للأرض من الأنواع الرئيسية الثلاثة للصخور وهي:
    • الصخور النارية.
    • الرسوبية.
    • المتحولة بتفرعاتها المختلفة.
    • تباين أنواع التربة الناتجة من تحول كل نوع من أنواع هذه الصخور؛ بفعل عوامل التعرية المختلفة.
  2. ثانيا- في قوله تعالى: (وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) أشارت الآيات إلى عدد من الحقائق العلمية في هذه النباتات نوجزها فيما يلي:
    • وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ: ثمرة العنب ثمرة متميزة، فبالإضافة إلى محتواها العالي من المواد السكرية، احتوت أيضا على كثير من الفيتامينات مثل: فيتامين (أ)، و (ج)، والبروتينات النباتية، والأحماض، والخمائر، والأملاح، والعديد من العناصر بنسب متوازنة؛ مما يجعلها أنسب أنواع الغذاء، ومن أنقى ما يمكن أن يتناوله الإنسان من الثمار.
    • وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ: لفظة (زرع) هنا تشمل كل أنواع الزروع – النباتات-، وذكرها هنا، وفي مواضع أخرى كثيرة من القرآن الكريم، والنخيل من الأشجار دائمة الخضرة، وتتميز بسيقان طويلة ،باسقة، تنتهي بمجموعة من الأوراق في قمتها، وليست لها فروع ،و لا تسقط أوراقها التي تستر براعمها في قمتها، وثمار النخيل من – بسر، ورطب، وبلح (تمر) -،يعتبر من الثمار النباتية المتميزة بقيمة غذائية عالية ،وقد ركز القرآن عليها كثيرا.
  3. ثالثاً- في قوله تعالى: (صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) : يعرف العلماء اليوم أكثر من 400 ألف نوع من أنواع النباتات، منها 25 الف نوعا من أنواع النباتات الزهرية التي أعطاها الله – تعالى- القدرة على إنتاج غذائها بعملية التمثيل الضوئي، وحوالي 15 الف نوعا من أنواع النباتات غير الزهرية التي ليست لها قدرة على القيام بعملية التمثيل الضوئي، فتتغذى بطرق أخرى؛ وكل نوع من هذه النباتات مرتبط ارتباطا وثيقا ببيئته المحكومة بوضعه الجغرافي من التضاريس، والمناخ،  وتباين أنواع الصخور، والتربة، ووفرة الماء، أو قلته، وتعدد الكائنات المصاحبة له، وغير ذلك من العوامل، لكنه محكوم أكثر بشفرته الوراثية، وفي الآية الكريمة إشارة إلى علوم التصنيف، والوراثة، والبيئة، والأرض.

من الدلالات اللغوية للآية الكريمة

( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) [الرعد:8]

(ما) في قوله تعالى (ما تحمل)، و(ما تغيض)، و (ما تزداد)، ما اسم وصل بمعنى (الذي)، أي علم الذي تحمله كل أنثى، علما شموليا، قاطعا، غير مقصور على الذكورة، والأنوثة، والصحة، أو المرض، لكنه يشمل الأجل، والرزق، والشقاوة، أو السعادة، ومكان الموت، وغير ذلك من الأحوال الآنية، والمستقبلية، وقد تكون (ما) هنا مصدرية بمعنى يعلم حمل كل أنثى، وغيض الأرحام، وازديادها أي: نقصها، وزيادتها، أي ما ينقص من الأرحام بسقوط الجنين، أو بتحلله، وإذابته في سوائل الجسم، وامتصاصه، فيجعله كالماء الذي تبتلعه الأرض، أو (تزداد) من اكتمال نمو الجنين إلى مرحلة الحمل الكامل.

من الدلالات العلمية للآية الكريمة

  • التعبير في قوله تعالى: (وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ): تعبير معجز دقيق، وشامل عن ظاهرة التحلل، أو الإسقاط التلقائي للأجنة خلال أطوارها المبكرة؛ ففي عددا الإحصائيات الطبية ثبت أن (٢٥٪ – ٥٠٪) فقط من الأجنة، ثبت في عملية انغراسها بجدار الرحم، وأن كثيرا من عمليات الإجهاض قد يصاحبها تحلل الجنين في داخل الرحم، وامتصاصه، فلا يعلم إلا الله تعالى ما تغيظه بلايين الأرحام في اللحظة الواحدة، ويعجز الأطباء عن إحصاء ذلك.
  • وفي التعبير القرآني: (وَمَا تَزْدَادُ): إعجاز آخر، لأن وزن الجنين في نهاية الشهر الثاني من عمره لا يتعدى (٥) جرامات، ولا يزيد طوله من (٣-٥) سم؛ بينما يصل وزنه في نهاية الشهر التاسع إلى حوالي (٣) كيلو جرامات، ونصف في المتوسط، ويصل طوله إلى قرابة نصف متر.
  • وفي قوله تعالى: (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ): إشارة إلى تقدير كل شيء بدقة بالغة، بما في ذلك عدد وصفات المخلوقين، ونسب الإناث إلى الذكور، ونسب المرضى بأمراض خلقية موروثة إلى الأصحاء، ونسب المعاقين خلقيا إلى نسب المعاقين التي تطرأ عليهم الإعاقة بعد ولادتهم، وغير ذلك.

دلالات لغوية للآية 17 في سورة الرعد:

(أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ ﴿١٧) [الرعد:17]

من الدلالات اللغوية لبعض ألفاظ الآية الكريمة، والتي تحتاج إلى بيان دلالتها اللغوية ما يلي:

  • “الزبد” في اللغة العربية ورد بعدة معاني: زبد الماء + زبد البعير + زبد الذهب، أو الفضة ،وغيرها؛ وهو: فقاعات هوائية بها قليل من بخار الماء، وبعض الجسيمات الصلبة على هيئة الرغوة؛ وتنشأ عن طريق التحريك الشديد للسوائل، أو غليانها، أو تخمرها، ويطلق الزبد على خبث الحديد، أو الذهب، أو الفضة، وكل الزبد لا فائدة به.
  • “جفاء”: الجفاء في العربية: هو القطيعة، أي هجرته، وقطعت كل صلة لي به، وألقت القدر زبدها: بمعنى جفا. أي ألقته خارجها، والرغوة التي يحملها الماء تذهب في جوانب الوادي.
  • { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ} والذي ينفع الناس الماء، والمعادن المتنوعة التي يحملها السيل؛ فتترسب في المكان الذي تتجمع فيه السيول.

من الدلالات العلمية لإنقاص الارض من أطرافها

(أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ) [الرعد:41]

أولاً- في إطار دلالة لفظة الأرض على الكوكب كله: في هذا الإطار نجد ثلاثة معان علمية بارزة يمكن إيجازها فيما يلي:
  • إنقاص الأرض من أطرافها بمعنى انكماشها على ذاتها، وتناقص حجمها باستمرار، وقدر متوسط قطر الأرض الحالية بحوالي (12742) كم، وقدر متوسط محيطها نحو (40042) كم، وقدر حجمها بأكثر من مليون مليون كم مكعبا، إن حجم الأرض الإبتدائية -على الأقل- يصل إلى مائة ضعف حجم الأرض الحالية، والمقدر بأكثر من مليون مليون، وثلاثمائة، وخمسين ألف كم مكعبا، وإن هذا الكوكب قد أخذ منذ اللحظة الأولى لخلقة بالانكماش على ذاته من كافة أطرافه، وهي سنة كونية.
  • إنقاص الأرض من أطرافها بمعنى تفلطحها –قليلا- عند القطبينـ وابتعادها –قليلا-عن خط الاستواء، والمنطقة القطبية الشمالية، أكثر تفلطحا من المنطقة الجنوبية، ويقدر متوسط قطر الأرض الاستوائي بنحو (12756,3) كم، ونصف قطرها القطبي بنحو (12713,7) كم، وبذلك يصبح الفارق بين القطبين نحو (42,7) كم، وهي: إحدى عمليات إنقاص الأرض من أطرافها.
  • إنقاص الأرض من أطرافها بمعنى: اندفاع قيعان المحيطات تحت القارات، وانصهارها، وذلك بفعل تحريك ألواح الغلاف الصخري للأرض.
ثانياً– في إطار دلالة لفظ الأرض على اليابسة التي نحيا عليها، نجد معنيين علميين، واضحين نوجزهما فيما يلي:
  • إنقاص بمعنى أخذ عوامل التعرية المختلفة من المرتفعات، وإلقاء نواتج التعرية في المنخفضات من سطح الأرض، حتى تتم تسوية سطحها.
  • إنقاص الأرض من أطرافها: بمعنى طغيان مياه البحار، والمحيطات على اليابسة، وإنقاصها من أطرافها.
ثالثاً في إطار دلالة لفظ الأرض على التربة التي تغطى صخور اليابسة:
  • إنقاص الأرض من أطرافها بمعنى التصحر، وهذه المعاني الستة (منفردة، أو مجتمعة) تعطى بعدا علميا رائعا لمعنى إنقاص الارض من أطرافها، ولا يتعارض ذلك أبدا مع الدلالة المعنوية للتعبير بمعنى خراب الأرض الذي استنتجه المفسرون بل يكمله، ويجليه.

اقرأ أيضا: الإشارات الكونية في سورة يوسف

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى