2024-12-12 11:02 م
إدارة الموقع
2024-12-12 11:02 م
العلم والثقافة

ماهو الإنسان؟

قبل أن نبدأ الحديث عن الإنسان لابد أن نعرف ماهو مفهومه، وهذا ماسنوضحه لكم في سطور مقالنا هذا

أولاً- مفهوم الإنسان.

مفهوم الإنسان في اللغة، له معنيان:

  • الظهور ، قال – تعالى: {…فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا}[النساء:6].
  • النسيان: قال ابن عباس: (إنما سُمّي الإنسان إنساناً لأنه عهد إليه فنسي)، (الأصفهاني).

في الاصطلاح: الإنسان: مجموعة الروح، والجسد.

ثانياً- أهميته:

كلمة الإنسان جاءت اشتقاقاً من كلمة (أنس)، فكان ذو أهمية كبيرة في هذه الحياة، ولأهميته في نظر الله، أن أورد كلمة (أنس) في كتابه الكريم (٩٧) مرّة ،وقد جاء ذكره في القرآن على وجهين:

  • الوجه الأول– آدم – عليه السلام – قال – تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِين}[المؤمنون:12].
  • الوجه الثاني– بنو آدم. قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُون}[الأعراف:27].
    • وآدم لغة: أبو البشرية، وأديم كل شيء ظاهره.
    • بنو آدم اصطلاحا: هم الناس، وبنو البشر.

الصلة بين الإنسان، وبين آدم.

من الألفاظ التي يستعملها القرآن الكريم مرادفة للفظة (إنسان)، لفظه (بنى آدم).

  • إنس لغة: جماعة الناس، والجمع أناس، وهم (الإنس)، والإنس: خلاف الجنُ، والإنس: خلاف الفرد، والإنس: إلى الإنس البشر، والواحد إنسي، وإنس أيضاً ،والجمع أُناسٍ.
  • الإنس اصطلاحا: هم بنو آدم، سُمّوا بذلك؛ لأنهم لا يعيشون بدون أُناس، وقيل سمي الإنسان بذلك، لظهوره، فهو يُرى بالعين.
  • الصلة بين الإنسان، والإنس:
    • الأُنسية: تعني عدم التوحش، والإنسان: هو مجموع الجسد، والروح.
    • الناس: اسم لجميع بني آدم، واحده: إنسان من غير لفظه، واستعمل مقابله الجِنّة، وهي: جماعة الجن.
    • البشر: هم الخلق. يطلق على الذكر، والأُنثى، والواحد، والاثنين، والجمع.

الفرق بين الإنسان، والبشر:

الإنسان: الجانب المادي، والمعنوي؛ أما البشر: يشمل الجانب المادي فقط.

  • الأنام: هم الجن، والإنس.
  • الصلة بين الإنسان، والأنام.

الإنسان: يشمل بنى آدم فقط؛ أما الأنام: يشمل الجن، والإنس قال – تعالى {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَام}[الرحمن:10].

ثالثا- الغاية من خلق الأنسان:

قال – تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}[الذاريات:56].

إن الغاية من خلق الأنسان، عبودية الله – سبحانه-، والعبودية لله – سبحانه، وتعالى- تعنى جانبين:

  1. الجانب الأول- تحقيق العبودية من خلال الشعائر التعبدية{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}،.
    • ومعنى العبادة: هي كل ما يحبه الله، ويرضاه  من الأقوال، والأعمال، الظاهرة ،والباطنة. وهذا التعريف شامل للعبادة بكل أنواعها، وحالاتها؛ فالعبودية مفهوم شامل لكل عمل إنساني صالح يُقصد به وجه الله في هذه الحياة، قال – تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}[الأنعام:162]، وتحقيق العبادة يقتضي أن يجعل الإنسان حياته، وسائر أفعاله، وتصرفاته، وعلاقاته مع الناس وفق المناهج التي وضعتها الشريعة الإسلامية.
    • حقيقة العبادة: هي استسلام القلب، والجوارح لله حباً، وخضوعاً له، وخوفا من عقابه لا شريك له في شيء من ذلك البتة، فهو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه، وجميع الرسل (سلام الله عليهم) من أولهم إلى خاتمهم، كانت دعوتهم أساسها تحقيق العبودية لله – سبحانه وتعالى، قال – تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم}[الأعراف:59، 73، 85، العنكبوت:16، 17، آل عمران:51، الإسراء: 1، مريم: 30].
  2. الجانب الثاني- تحقيق عمارة الأرض قال – تعالى{… هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب}[هود:61].
    • س- ما معنى الاستعمار، وما حقيقته؟
      • الاستعمار لغة: طلب التعمير، والسعي؛ لتحقيق العمران، والعمارة نقيض الخراب، قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}[التوبة:19، الروم:9، الطور: 4، هود:61].
      • والمعنى الاصطلاحي: هو طلب التعمير، والسعي؛ لتحقيق العمران؛ ويراد به التمكين, والتسلط أيضا، قال تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُون}[الأعراف:10، البقرة: 22،29، الجاثية: 13، طه:53، الملك:15].
      • والمقصود: عمارة الأرض مادياً، ومعنوياً، فإذا كانت عمارتها مادياً فقط فقد لا تدوم قال تعالى {…كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ …} [الروم:9،7]، وإنما المقصود بها إدارتها وفق مناهج الله، قال تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ… }[الحج: 41]؛ والبعد عن مناهجه يجلب الشقاوة، والتعاسة، قال تعالى {وَضَرَبَ اللّهُ …} [النحل:112].

خلق الإنسان:

يُعد خلق الإنسان آية من آيات الله -عز وجل- العظيمة خصوصاً إذا علمنا أن عملية الخلق هذه قد مَرّت بمراحل عديدة، وأطوار مختلفة، قال – تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح:14، الإنسان: 1، مريم: 67]، وقد خلق الله الأنسان على أربعة أوجه:

  1. الأول- خلق آدم- عليه السلام- من غير ذَكر، ولا أُنثى.
  2. الثاني- خلق حواء -عليها السلام- من ذَكر، دون أُنثى.
  3. الثالث- خلق عيسى- عليه السلام- من أُنثى، دون ذَكر.
  4. الرابع- خلق سائر البشر من ذَكر، وأُنثى.
أولاً: خلق آدم عليه السلام:

 ذكر الله -عز، وجل- أنه خلق الإنسان من طين، وهذا المبدأ ظل ثابتاً لدى الجميع، ولكن السؤال عن أطوار الخلق، فقد مَرّ خلق آدم-عليه السلام- بثلاثة أطوار، وهي:

 الأول- طور التخليق.

 الثاني- طور التصوير.

الثالث- طور نفخ الروح.

  1. الطور الأول- ويتضمن أربع مراحل رئيسة هي:
    • المرحلة الأولى- التراب، قال تعالى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون} [آل عمران:59].
    • المرحلة الثانية- من طين، قال – تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون} [الحجر:28، السجدة:7، الصافات:11].
    • المرحلة الثالثة- خلقه من حمإٍ مسنون، قال – تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون}[الحجر:26].
    • المرحلة الرابعة- خلقه من صلصالٍ كالفخار، قال تعالى {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّار} [الرحمن:14، الأعراف:11].
  2. الطور الثاني- التصوير، قال – تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِين} [الأعراف:11].
  3.  الطور الثالث- طور نفخ الروح، قال تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون} [الحجر:28-29].
ثالثاً- خلق حواء عليها السلام-:

لما خلق الله آدم -عليه السلام-، خلق له زوجته حواء، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1، الأعراف:189، الزمر: 6].

وقد اختلف العلماء في كيفية خلق حواء- عليها السلام- على قولين مشهورين:

  1. القول الأول- قول جمهور المفسرين، حيث ذهبوا إلى أن الآيات الكريمات قد نصت بأن حواء خُلِقت من آدم كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى: (منها)، ولهذا قالوا: في قوله تعالى: {…وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا…}، أن من للتبعيض، ومعنى التبعيض، أن حواء خلقت من جزء من آدم، واختلفوا في الجزء الذي خلقت منه حواء على قولين:
    • الأول- قالوا أنها خلقت من ضلع آدم -عليه السلام-، واحتجوا بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (أن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإذ استمتعت بها، استمتعت بها، وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها) أخرجه مسلم.
    • الثاني- قالوا بأنها خلقت من بقية الطين التي خلق منها آدم.
  2. القول الثاني- إن المراد في قوله – تعالى{…وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا…}، أي من جنسها، وهو كقوله – تعالى {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُون}[النحل:72، آل عمران: 164، التوبة:128] ، والراجح ما ذكره مُعِدّو موسوعة التفسير الموضوعي (أن حواء خُلِقت من جنس آدم -عليه السلام-، من نفس العناصر التي خلق منها آدم، فالله خلق حواء -عليها السلام- من نفس نوع آدم، كما خلق لنا من أنفسنا أزواجاً  (الروم (٢١)، وما جاء في الحديث (إن المرأة خلقت من ضلع…) فلا يدل على أنه ضلع آدم، إنما يحمل على جهة التمثيل لاضطراب أخلُقهن، وكونهن لا يثبتنَ على حالة واحده أي: أن المرأة صعبة المراس، فهي كالضلع الأعوج قال – تعالى {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ …} [الأنبياء:37]، ويؤيد هذا قوله (أن المرأة) تأتي بالجنس، ولم تأت باحتواء.
ثالثاً- خلق عيسى عليه السلام:

يُعد خلق عيسى -عليه السلام- من أم بلا أب، معجزة دالة على عظمة قدرة الله تعالى، وسيقتصر حديث خلق عيسى على أمرين:

  1. أولاًالبشارة بعيسى: قال – تعالى {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين} [آل عمران:42-47، الأنبياء:91، التحريم: 12]، ولقد جاء جبريل إلى مريم -عليها السلام-، ونفخ في جيب ذراعها، فوصل إلى فرجها، فحملت به فوراً، حملاً طبيعياً، كما تحمل سائر النساء، والتي قال الله عنها: فنفخنا {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم:22، النساء: 171، آل عمران: 59]، ويراد بالكلمة التي وردت في قوله تعالى {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ، وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين}، المسيح..بدليل الضمير المذكور في (اسمه المسيح).
  2. الأمر الثاني- خلق الله عيسى -عليه السلام- بروح منه، قال تعالى:{…إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلا}[النساء:171، الشورى:52، المجادلة: 22، الأنبياء:91]، أن عيسى عليه السلام سُمِّى روحاً؛ لكونه نشأ من الروح مباشرةً، ولأنه غلبت عليه الروحانية.
رابعاً- خلق سائر بني آدم:

إن الله خلق سائر بني آدم مثل خلق آدم على أطوار، قال تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح:14، الزمر:6]

  1. الطور الأول- النطفة: نطفة الرجل (الحيوان المنوي)، ونطفة المرأة (البويضة)، والنطفة الأمشاج (المختلطة من نطفتي الذكر، والأنثى).
  2. الطور الثاني- طور التخلق: ويشمل هذا الطور أربع مراحل هي:
    •  العلقة.
    • المضغة.
    • العظام.
    • اللحم. قال تعالى {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين} [المؤمنون:14، الحج: 5، غافر:67، العلق:1-2].
  3. الطور الثالث- طور النشأة: أي ان الله صيّر الإنسان بشراً سويا

الإنسان بين الإيمان، والكفر

خلق الله -عز، وجل- الإنسان، وسواه بيده، ونفخ فيه من روحه، وكرّمه، وفضّله على كثير من المخلوقات، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا}[الإسراء:70]، ومن مظاهر تكريمه:

  • جعل له حرية الاختيار. قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى}[طه:116-121، البلد:8-10، الإنسان:2-3، الكهف:29، التكوير:27-28، الزمر:15، الشمس:7-10، الروم:30].

و إيمان الإنسان: هو الحفاظ على الفطرة، وشكر الله على نعمه .

والكفر: هو انحراف عن الفطرة الإنسانية، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، (ما من مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه…) رواه البخاري.

خلق الله الأنسان لا يعلم شيئا عند خلقه، قال – تعالى {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [النحل:78].

نِعَم الله على عباده تنقسم إلى قسمين:

  1. القسم الأول- لا دخل للإنسان فيها، ولا إرادة له في الحصول عليها، أو الحرمان منها، ومن هذه النعم: (خلقه – عمره – تكريمه).
  2. القسم الثاني- نِعَّم للإنسان دور فيها، ويتحمل نتائجها، قال – تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:3]، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِين} [التين:5، الإسراء:71-72، البقرة: 37-39، طه: 123-124، الأعراف: 35،36، النحل: 36].

ساعد الله الإنسان ليهتدي، بإرسال الرسل، وإنزال الكتاب، قال تعالى: وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِير} [فاطر:24].

تقبل الناس الرسالة، والرسل، قال تعالى: {فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِين} [النحل:36]، وعرض القرآن الكريم نموذجاً لبعض المكذبين النمل(٤٥) الاعراف (٦٥-٧٦).

خامساً: صفات الإنسان:

إن صفات الإنسان التي ذكرها القرآن الكريم تنقسم إلى قسمين:

  1. (صفات فطرية.
  2. (صفات مكتسبة.

أولاً- الصفات الفطرية:

  1. الضعف، قال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:28، الروم: 54].
  2. العجلة، قال تعالى: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا} [الإسراء:11، الأنبياء: 37].
  3. الجدل، قال تعالى: {…وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف:54].
  4. التقتير، قال تعالى: {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا} [الإسراء:100، العاديات:8، النساء: 128].
  5. الهلع، قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج:19]، وقد فسر القرآن الكريم الهلع، بقوله {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} [المعارج: 20، 21].
  6. الظلم، والجهل، قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} [الأحزاب:72، البقرة:273].
  7. الطغيان، قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} [العلق:6، 7].
  8. الكنود، قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود} [العاديات:6]، والكنود: هو الجحود، وهو: شديد الكفر بالله تعالى، وكفر النعمة، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- أتدرون ما الكنود؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: الكنود: الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده) رواه البخاري.
  9. الفرح، قال تعالى: {فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون} [الروم:4]، {بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم}[الروم:5، آل عمران:170]، الفرح الممدوح والفرح المذموم، قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُور}[هود:10، القصص: 76، النساء: 36]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (كُلوا، واشربوا، والبسوا، وتصدقوا في غير سُرف، ولا مخيله)، رواه البخاري وغيره.
  10. الفخر، قال تعالى: {…إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُور} [هود:10]، ثانيا صفات مكتسبة.

أولاً- الصفات المكتسبة:

  1. الكفر، قال تعالى: {قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَه} [عبس:17]،
    • ومن أنواع الكفر:
      • كفر إنكار.
      • كفر عناد.
      • كفر نفاق.
      • كفر جحود.
    • أقسام الكفر:
      1. كفر النعمة: قال – تعالى: {…وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُور} [الشورى:48، هود:9، الإسراء: 67، إبراهيم: 34].
      2. الكفر بالله:
      3. قال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا} [الإسراء:89، الزمر: 15]
  2. الفجور، قال  تعالى: {بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَه} [القيامة:5]، وأصل الفجور: الميل، وسميَّ الفاسق، والكافر فاجراً؛ لميله عن الحق.
  3. المخاصمة، قال تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِين} [النحل:4، يس:77].
  4. اليأس، قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُور} [هود:9، فصلت: 49، الإسراء:83]، واليأس: انقطاع الأمل.
  5. القنوط، (والقنوط: اليأس، وقيل: اليأس من الخير، وقيل: سيء الظن بربه)، قال – تعالى {لاَ يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوط} [فصلت:49، الحجر:56]، والفرق بين اليأس، والقنوط:
    • اليأس: من صفة القلب، – والقنوط:  من صفة البدن.

سادسا: الإنسان، والشيطان:

قد يستغرب الإنسان من وجود علاقة بين الإنسان، والشيطان نعم توجد علاقة، ولكنها علاقة عداوة، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} [فاطر:6]؛ وعلاقة حسد، وكبر، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين}[البقرة:34، الأعراف: 12-20، الإسراء: 62-65، طه: 120- 123].

التحذير من الشيطان، قال  تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين} [البقرة: 168 ،208، الأنعام: 142، الأعراف: 22، يوسف: 5، يس: 60، الزخرف: 62، الإسراء: 53، النساء: 119]

 والسر من وجود الشيطان لحكمة إلاهية ليس إلا، وهذه الحكمة تتمثل بثلاث حقائق:

  1. الحقيقة الأولى- تخلص إلى أن الشيطان ليس له سلطان على إرادة الإنسان إلا مَن سلّم نفسه له، قال  تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين}[الحجر:42، الإسراء:65، النحل:98-100]، وموقف الشيطان يوم القيامة، قال – تعالى {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[إبراهيم:22]
  2. الحقيقة الثانية-  تخلص إلى أن وظيفة الشيطان في حياة الإنسان، إنما هي الوسوسة في صدره، وليس له  قدرة على أكثر من ذلك، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس}[الناس:1، محمد: 25، النساء:76].
  3. الحقيقة الثالثة- تخلص إلى أن الله تبارك، وتعالى جعل الشيطان في حياة الإنسان؛ لإقامة التوازن بين دوافع الخير، ودوافع الشر المحرضات عليهما؛ ليطرح للإنسان قسماً في مسؤولية الخطيئة التي يقع بها.

سابعاً- نداءات، ووصايا للإنسان:

أولاً- نداء الله للإنسان: ورد نداء الله تعالى الإنسان في القرآن الكريم في موضعين.

  1. النداء الأول- يذكره بنعم الله عليه قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم} [الانفطار:6-10، الكهف:37، التين: 4، البقرة: 29، إبراهيم: 34، الإسراء:70]، تذكير القرآن للإنسان بالهدف من وجود ه في هذه الأرض، قال  تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} [الذاريات:56].
  2. النداء الثاني: {يَاأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيه} [الانشقاق:6-9، الإسراء: 13،14]، والكادح العامل بشدة، وسرعة، واجتهاد مؤثر قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (من سأل، وله ما يغنيه، جاءت مسألته خدوشا، أو كدوحاً في وجهه يوم القيامة…) التحرير، والتنوير، وينبه الله الإنسان بعلمه الشامل لكل شيء، قال  تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَة} [الحاقة:18، البلد:4].

ثانياً- وصايا الله للإنسان:

خلق الله الإنسان، وبين له طريق الخير، والشر، ومن شدة لطفه، وعنايته أوصاه  ،وذلك زيادة بالحرص عليه.

مفهوم الوصية: هي التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترناً بوعظ، قال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [البقرة:132، العنكبوت: 8، المائدة:106، العصر: 3، الذاريات:53].

– وصية الله للأولاد بالوالدين، قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} [العنكبوت:8، لقمان: 14-15، الأحقاف:15،16].

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى