2025-02-03 10:58 م
إدارة الموقع
2025-02-03 10:58 م
معجزات من القرآن

الإشارات الكونية في سورة الحاقة

جاءت الإشارات القرآنية لتبيان عدد من الحقائق الكونية الغائبة عن الناس، وقد وردت بتعبيرات دقيقة، شاملة ، جامعة، مفصلة، ومجملة تستحث حدس الإنسان بالتوجه نحو هذه الإشارات، وتقوده إلى إعمال العقل، والفكر، حيث أن تلك الإشارات محيط تستقي منه المعرفة الإنسانية كل ما غاب عن علمها عبر الزمان، والمكان، وتبقى هذه الإشارات الرافد الحقيقي للمعرفة الإنسانية، وبصيص النور الذي يقود الإنسان إلى اكتشاف، ومعرفة، وإدراك ما غاب عن إدراكه، وقد وردت مفرقة بين سور القرآن الكريم حسب مقتضى السياق، والإخبار،والأحداث، فهناك آيات كونية عديدة تضمنتها عدة سور، ففي سورة الحاقة إشارات يمكن إيجازها فيما يلي:

من الإشارات العلمية في سورة الحاقة

  1.  ذِكر عدد من الأقوام البائدة من أمثال: قومِ عادٍ وثمود وفرعون وقوم نوح عليه السلام، والكشوفات الأثرية تثبت صدق القرآن الكريم في كل ما أشار به إلى تلك الأقوام.
  2.  التلميح إلى حقيقة أن بلايين الأفراد من بني الإنسان الذين يملؤون جنبات الأرض اليوم، والذين عاشوا من قبلهم إلى الناجين من طوفان نوح، والذين سوف يأتون من بعدنا إلى قيام الساعة، كل هؤلاء من نسل سيدنا نوح عليه السلام، ونسل من نجاهم الله معه، قال تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء:3]، {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} [الحاقة:11]..
  3.  التأكيد على حقيقة الغيب المطلق الذي لا سبيل للإنسان للوصول إليه إلا بوحي السماء، والغيب المرحلي الذي تجاهد العلوم المكتسبة كلها للوصول إليه بالتدريج كلما تقدم العلم، وهذه العلوم المكتسبة تثبت اليوم ذلك بتقدمها المطرد وبإثبات أن كل ما علمه الإنسان من مادة الجزء المدرك من الكون لا يكاد يتعدى (١٠٪) مما هو موجود فعلاً، ويطلق على (90٪) المادة الخفية، والمادة السوداء، والمادة الداكنة.

من الدلالات العلمية في الآية الكريمة:

● {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} [الحاقة:11].

  1. أولاً– في قوله تعالى: (إنا لما طغى الماء): إن الموقع الصحيح لاستواء سفينة نوح -عليه السلام- هو جبل الجودي على بعد (٢٥٠) ميلًا إلى الجنوب الغربي من جبل (أرارت)، وهو يمثل أعلى قمة في سلسلة جبال جنوب تركيا، ويزيد ارتفاعه على (٧) آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر، وقد وجدت في هذه القمة بقايا سفينة نوح -عليه السلام- التي وجدت مطمورة في رسوبيات مياه عذبة، قال تعالى:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ …} [القمر:٧-٩].
  2. ثانياً– في قوله تعالى: (حملناكم في الجارية) يعود الكلام على ذرية نوح -عليه السلام- وذراري من حملهم معه في سفينته، أو إلى البشرية كافة من بعد طوفان نوح إلى قيام الساعة.

من الدلالات العلمية في الآية الكريمة:

● {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُون ¤ وَمَا لاَ تُبْصِرُون} [الحاقة:٣٨-39].

أولًا– التأكيد على انقسام الوجود إلى عالمين هما:

  1.  عالم المشاهدة المنظور: ويشمل كل ما يراه الإنسان بعينيه المجردتين، أو بالاستعانة بالعدسات المكبرة كما هو الحال في المناظر والمجاهر وغيرها من أجزاء الرصد المختلفة.
  2. عالم الغيب غير المنظور، والغيب غيبان:
    • غيب مرحلي أو مؤقت لا يراه الإنسان بطريقة مباشرة، ولكن يكتشفه على مراحل متتالية مع اتساع دائرة علومه وبحوثه وكشوفه، وهو الذي يجري علماء الكون من ورائه في مجالات جادة لكشفه، والوصول إلى فهم شيء من حقيقته وأسراره التي تعين على عمارة الأرض، وهذه من العلوم النافعة التي يشجع الإسلام العظيم على الاهتمام بها؛ من أجل القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض، كما في مجال الأنفس والآفاق، وهو أوسع من عالم الشهادة المشارة إليه سابق.
    • غيب مطلق: لا سبيل للإنسان لمعرفة شيء منه إلا عن طريق وحي السماء، مثل: الذات الإلهية والملائكة والروح والساعة والآخرة والبعث والحشر والصراط والميزان والحساب والجنة والنار والجن وغير ذلك من مخلوقات الله الأخرى.

ثانياً– التأكيد على أن عين الإنسان لا ترى كل شيء في البصر بحاسة الرؤية التي وهبها الله تعالى والتي تتمثل بالقدرة على الإبصار، يقال (أبصرت بصراً فات به بصيراً)؛ أي رأيت شيئاً مما تستطيع عيناي رؤيته، فأدركت جانباً من حقيقته، أما رؤية القلب المدركة فيقال لها البصيرة، وجمعها بصائر، والأطياف المدرجة في ألوانها، والتي تميز عين الإنسان منها سبعة فقط هي:(الأحمر، البرتقالي، الأصفر، والأخضر، والازرق، والنيلي، والبنفسجي)، وهي الألوان التي تميزها عين الإنسان في قوس قزح بدرجات متفاوتة، كذلك ثبت أن ضوء الشمس عبارة عن سلسلة متصلة من أمواج الطيف الكهرومغناطيسي التي لا تختلف فيما بينها إلا في تردداتها.

ثالثًا– الإشارة إلى معجزة الإبصار بالعين: تشير الدراسات الطبية إلى أن طبقة واحده من طبقات شبكية العين تحتوي على خمسمائة مليون خلية بصرية مستقبلة للضوء، وأنه عندما يسقط شعاع الضوء على الشبكية تلتقطه خلايا متخصصة، منها: ثمانية ملايين من المخاريط المتخصصة في استقبال الضوء الساطع، ومائة وخمسون مليون من العصب المتخصصة في استقبال الضوء الخافت، وذلك من أجل المساعدة في الرؤية من النهار أو الليل، وأن العصب البصري الذي يمتد من قاع العين إلى مركز البصر في مؤخرة المخ يتكون من نصف مليون ليف عصبي، وينقل الصورة المرئية بسرعة تصل إلى ألف مرة في الثانية الواحدة.

رابعًا– التأكيد على محدودية علم الإنسان مهما اتسعت دوائره، قال الفلكيون: إن الذي توصلوا إليه (١٠٪) من الكون المدرك فقط، قال تعالى:(وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا).

خامساً– الإشارة إلى محدودية الإنسان بحدود مكانه وزمانه؛ فالإنسان محدود بحدود مكانه في بقعة محدودة من الأرض، وحدود زمانه (أي عمره) والكون لا يستطيع إدراكه إلا الله وحده.

اقرأ أيضاً الإشارات الكونية في سورة الحاقة

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى