الإشارات الكونية في سورة التكوير
جاءت الاشارات القرآنية لتبيان عدد من الحقائق الكونية الغائبة عن الناس، وقد وردت بتعبيرات دقيقة، شاملة ، جامعة، مفصلة، ومجملة تستحث حدس الإنسان بالتوجه نحو هذه الإشارات، وتقوده إلى إعمال العقل، والفكر، حيث أن تلك الإشارات محيط تستقي منه المعرفة الإنسانية كل ما غاب عن علمها عبر الزمان، والمكان، وتبقى هذه الإشارات الرافد الحقيقي للمعرفة الإنسانية، وبصيص النور الذي يقود الإنسان إلى اكتشاف، ومعرفة، وإدراك ما غاب عن إدراكه، وقد وردت مفرقة بين سور القرآن الكريم حسب مقتضى السياق، والإخبار،والأحداث، فهناك آيات كونية عديدة تضمنتها عدة سور، ففي سورة التكوير إشارات يمكن إيجازها فيما يلي:
من الإشارات الكونية في سورة التكوير
- الإشارة إلى أنه عند قيام الساعة تكور الشمس على بعضها، ويخفت ضوؤها، وتتنافر النجوم، وتنفك من عقال الجاذبية التي تحتفظ بها في مساراتها التي تبقي على تماسكها، وهذا كله بإرادة الله سبحانه وتعالى.
- الإشارة إلى أنه عند قيام الساعة تتناثر الجبال في الفضاء، وتكون كالعِهِن المنفوش.
معاني الآية الكريمة
{فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّس، الْجَوَارِ الْكُنَّس} [التكوير:15، 16].
● الخُنس، الجواري الكنس في اللغة العربية:
- أولاً– الخُنس: الذهاب في خفية، (الخُنس) النجوم تخنُس عند المغيب، وقال قوم: سُميت بذلك لأنها تختفي نهاراً، وتطلع ليلاً، والخُناس في صفة الشيطان؛ لأنه يخنس إذا ذُكر الله تعالى، والخنوس يأتي بمعنى التأخر، كما يأتي بمعنى الانقباض.
- ثانياً– الجواري: أي الجارية في أفلاكها، وهي جمع جارية من الجري وهو المر السريع.
- ثالثاً– الكُنَس: الكواكب تكنس في بروجها كما تدخل الضباء في كناسها (فلا أقسم بالخُنَس، الجواري الكُنَس)، ينطبق انطباقًا كاملًا مع حقيقة كونية مبهرة تمثل مرحلة خطيرة من مراحل حياة النجوم كما يقول علماء الفلك اليوم باسم الثقوب السود.
● ماهي الثقوب السود؟
يُعَّرَف الثقب الأسود بأنه: أحد أجرام السماء التي تتميز بكثافتها الفائقة، وجاذبتها الشديدة بحيث لا يمكن للمادة ولا مختلف صور الطاقة -ومنها الضوء- أن تفلت من أسرها، ويحد الثقب الأسود سطحًا يعرف باسم (أُفق الحدث)، وكل ما يسقط داخل هذا الأُفق لا يمكن الخروج منه أو إرسال أية إشارة عبر حدوده.
• كيف تتكون الثقوب السود؟
تعد الثقوب السود مرحلة الشيخوخة في حياة النجوم، والنجوم هي أجرام سماوية غازية التركيب في غالبيتها، وشديدة الحرارة، وملتهبة ومضيئة في ذاتها، يغلب على تركيبها غاز الأيدروجين الذي يكون أكثر من (٧٣٪) من مادة الكون المنظور، والذي تتحد ذراته مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تُعرف باسم (الاندماج النووي)، والنجوم تتخلق ابتداء من الدخان الكوني الذي يكون السدم.
وقد وصف القرآن الكريم الثقوب السود بالخُنَّس الكُنَّس، فهي خانسة، أي: دائمة الاختفاء والاستتار بذاتها، وهي كانسه لصفحة السماء تبتلع لكل ما تمر به من المادة المنتشرة بين النجوم وكل ما يدخل في نطاق جاذبيتها من أجرام السماء، وهي جارية في أفلاكها المحددة لها، فهي خُنَّس جوار كُنَّس.
إن كتلة الجزء الغير مدرك من الكون تقدر ب96%، بينما الكتلة الظاهرة ٤%.
من الإشارات الكونية في سورة يوسف
