2024-12-12 10:52 م
إدارة الموقع
2024-12-12 10:52 م
الفكر والدعوةالعلم والثقافةالإيمان والإسلامالإيمان والإسلام

السنن الإلهية في الآفاق والأنفس

إرادة الله الكونية، وأمره الشرعي، وفعله المطلق، وكلماته التامات، ووعوده الحقة، وحكمه في آفاق الكون وتسلسل التاريخ، الجارية بالعباد من المعاش إلى المعاد. وعلى رغم من الكم الهائل من السنن الإلهية التي يزخر بها الكون إلا أننا عند إمعان النظر نجدها تنضوي تحت نوعين أساسين من السنن والتي سنعرفكم عليها تفصيلا في هذه المقالة:

أولاً/ تعريف السنن الإلهية

هي الطريقة المتبعة لله في الكون، والإنسان، بناءً على الفعل البشري.

  • ما جرى به نظام الخلق.
  • العادة الجارية في الخلق.

ثانياً/ ذكر القرآن الكريم لها

ورد ذكرها في القرآن في (١٦) مرة، إجمالاً، و(١٣) مرة، بصفة المفرد، و(2) بصيغة الجمع، و(١) بصيغة الإضافة.

ثالثاً/ أنواع السنن الإلهية (نوعان):

  1. النوع الأول- سُنة خارقة (المعجزة).
  2. النوع الثاني- سُنة جارية: يجري بها نظام الكون، وهي نوعان:
    • السنن المتعلقة بالكون، مثل: الليل والنهار.
    • السنن المتعلقة بالإنسان، مثل: من جد وجد، فالأخذ بالأسباب، توصل للنتائج بإذن الله تعالى.

رابعاً/ خصائص السنن الإلهية: وهي كما يأتي:

  • الربانية، فهي مصدرها الرب.
  • الثبات، قال تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الفتح:23].
  • العموم، تشمل جميع البشر وتفيدنا في التصور، والاطمئنان النفسي، وفي الرد على المشككين.
  • الاطراد، كلما وجدت المقدمات تحققت النتائج، ويكون ذلك في الزمان والمكان.
  • الشمول، فهي تشمل كل مجالات الحياة.
  • التنوع، فهي تتناول الإنسان والحيوان والنبات والحشرات.
  • الأجل، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر} [القمر:49]، والزمن: الأيام، والشهور، والسنوات، والعمر: عمر الأفراد، وعمر الأمم.
  • التكامل بين جميع السنن، فإن كل سنة، تكمل الأخرى.

رابعاً/ فوائد السنن الإلهية:

  1. تفسر، وتوضح الظواهر الموجودة في الواقع، على ضوء الشريعة الإسلامية، مثلًا: المسلمون، متخلفون حاضراً؛ لأنهم لم يأخذوا بالأسباب.
  2. زيادة الإيمان بالله تعالى، والاطمئنان إلى تحقيق موعوده، مثل: قال تعالى: (…إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين}[يونس:81]، فإن تدبير المفسدين سبب لتدميرهم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون} [هود:117]، قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} [الكهف:30].
  3. أن يتعرف الإنسان على عمل السنن، قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِين} [آل عمران:137]، وتفيدنا لنتجنب ما أخطأ به من سبقنا، وأخذ خبرة من أسلافنا.
  4. الهداية، والاستقامة.
  5. العلم بالسنن يختصر لنا الطريق؛ لأنه يعرفنا الطريق التي نسلكها دون البحث والعناء.
  6. معرفة السنن، يجعل المسلم يطلع على عدل الله في الخلق، وترشيد الأفكار، وتقويم السلوك.
  7. التقويم، فنستفيد منها في التقويم؛ لأنها تفتح لنا الآفاق، وتجعلنا ننظر للمستقبل بعين الراصد، اليقظ، وبها نعرف طاقتنا، قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين}[البقرة:286]،  قال تعالى: {… رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين}[البقرة:250]
  8. التجديد، واستشراق المستقبل، فهذا مبني على فقه الواقع، وفقه السنن، قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} [النور:55]

خامساً/ ماهي السنن المطلوب الوقوف عندها؟

 سنه التغيير:

  1. أالتغيير في الأفكار.
  2. التغيير في الوسائل.
  3. التغيير في القيادات.
  4. التغيير في الجوانب السياسية، والاقتصادية…الخ.

سادسًا/ مفهوم التغير: يأتي التغيير بمعانٍ متعددة:

التحول، والانتقال قال تعالى: {… إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال} [الرعد:11]

  • الإصلاح، والنفع.
  • الغيرة على الأهل، والمال.
  • الاختلاف، قال تعالى: (غير المغضوب عليهم).
  • الاستحداث، قال الرسول ﷺ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد).  رواه البخاري.

سابعاً/ التغيير في القرآن

قال تعالى: {… إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال} [الرعد:11]، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم} [الأنفال:53]

ثامناً/ التغيير في السنة النبوية:

فقد جاء الرسول –– برسالة التغيير في العقائد، وفي العبادات، والأخلاق، وتغيير في الشرائع، وتغيير في النفوس، قال الرسول –-: (من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطيع، فبلسانه، فإن لم يستطيع، فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). رواه مسلم؛ فأبقي الرسول – -النافع، وغيّر الضار.

تاسعاً/ خصائص التغيير المنشودة:

  • يكون كلياً لا جزئياً في جميع المجالات، بصورة ممرحلة.
  • يكون التغيير دائماً لا منقطعاً، وهذا يتطلب استراتيجية بأهداف ووسائل.
  • يكون جذرياً لا سطحياً، ولا يكون جذرياً إلا إذا اجتثت الدولة العميق، ولا يمنع أن تأخذ من تجارب البشرية.
  • يكون حقيقياً لا وهمياً، ولا يكون حقيقياً إلا إذا كان عملياً محققاً للأهداف، قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً} [الكهف:103]، {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف:104 – 105].

عاشراً/ مبادئ التغيير:

  1. المبدأ الأول: التغيير سنة عامة لكل الخلق.
  2. المبدأ الثاني: التغيير الفردي، ممهد للتغير الجماعي، قال تعالى: {… إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال}.
  3. المبدأ الثالث: التغيير يظهر أثره في الدنيا من حيث القوى، والاستقلال، وفي الآخرة الأجر العظيم.
  4. المبدأ الرابع: التغيير الرباني يترتب على الفعل الإنساني.
  5. المبدأ الخامس: التغيير الإنساني يكون على قدر الطاقة، قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون} [الأنفال:60] ، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين}[البقرة:286].

الحادي عشر/ أركان التغيير:

  1. الركن الأول: إدارة التغيير، قال الرسول –-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى…) رواه البخاري.
  2. الركن الثاني: المغيرون: والمغير هو الذي يكون:
    • قدوة في تغيير نفسه.
    • ربانياً.
    • عابدًا فيما سيغير.
    • واعياً بالواقع.
    • صابرًا ومصابرًا.
  3. الركن الثالث: الشيء المراد تغييره، ويتمثل في النفس والأسرة…الخ.
  4. الركن الرابع: الجهد البشري.
  5. الركن الخامس: توفيق الله تعالى.

الثاني عشر/ شروط التغيير:

  • القناعة بالتغيير عند القيادات التي تريد التغيير، وكذلك الشرائح التي تريد تغييرها.
  • التغيير يبدأ من الداخل.
  • أن يكون التغيير علماً، ومستكملًا أدواته.
  • الإعداد، والمصابرة، والصبر، والتمكين.

الثالث عشر/ خطوات التغيير:

معرفة رد الفعل المقاوم، والاستعداد لذلك، فقد قابل الرسول –– رد فعل قومه بالصبر والثبات، والاستمرار، ونشر الإسلام، حتى فتح مكة، ثم أقبل الناس عليه من كل مكان.

الرابع عشر/ عقوبات ترك سنة التغيير:

  1. يقع الشخص في مخالفة أمر الله، ورسوله قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ۝ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا} [طه:124 – 125]، نتيجة مخالفة سنة التغيير، كالنوم في النهار والسهر في الليل.
  2. إن عدم التغيير عند الحاجة إلى التغيير، يعرض الناس إلى عقوبة الاستبدال، قال تعالى: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد:38].
  3. إرسال الله لعذابه، وتسليط الظالمين علينا.
  4. التراجع، والتخلف عن مواكبة سير الأمم.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى