2024-12-19 4:38 م
إدارة الموقع
2024-12-19 4:38 م
تفسير سورة الأعراف

تفسير سورة الأعراف ( الدرس العاشر والحادي عشر والثاني عشر)

نتابع في هذه المقالة ثلاثة دروس من سورة الأعراف وهم الدرس العاشر والحادي عشر والثاني عشر وذلك من الآية 42 وحتى الـ 51

الدرس العاشر/ سورة الأعراف

في هذا الدرس بيّنت الآيات جزاء المؤمنين المتقين وذلك من الآيات (42-43) فبعد ذكر جزاء المكذبين جاءت الآيتان (42-43) تسرد جزاء المؤمنين الذي يحمل في طياته الرفق، واللين، والعناية، ثم بينت الميزات التي يتمتع بها المؤمنون بعد دخولهم الجنة، وهذا زيادة في التدليل الإلهي لهم.

 أولاً/ هدف الدرس:

  1. هدفت الآيتان إلى عرض بعض صفات المؤمنين، وجزائهم.

ثانياً/ التفسير والبيان:

  1. (42) (لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) أي طاقتها، وما تقدر عليه بسهولة دوماً لا تضيق به ذرعاً، وأصل الوسع: الجدة، والطاقة، والجملة معترضة بين المبتدأ، والخبر: لبيان أن الصالحات التي كانت سبباً لدخولهم الجنة هي في وسعهم، وطاقتهم.
  2. (43) (مِّنْ غِلٍّ) حقد، وعداوة كانت بينهم في الدنيا بمقتضى الطبيعة البشرية، والتدافع في المجتمع، والمراد أنه تعالى ينشئهم نشأة أخرى لا تحمل فيها صدورهم غلاً كما كانت في الدنيا (أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون) بسبب ما عملتم في الدنيا من الأعمال الصالحة، ولما كانت الأعمال الصالحة لا تنال إلا بتوفيق الله ورحمته، ولا يترتب عليها دخول الجنة إلا بقبول الله لها؛ كان دخول الجنة في الحقيقة برحمته، وتوفيقه، وقبوله تعالى، لا بذات العمل، وفي الحديث (لن يدخل الجنة أحد بعمله، وإنما يدخلوها برحمة الله) أخرج في الصحيح.

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه:

من الكلمات التي وردت بصيغة واحدة، واختلفت معانيها في القرآن الكريم كلمة (نزع)، فقد وردت على (4) أربعة أوجه :

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى الإخراج قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ…) الأعراف (43)
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى الإحراق قال تعالى: (نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى) المعارج (16)
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى السلب قال تعالى: (يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) الأعراف (27)
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى الموت قال تعالى: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا) النازعات (1)

رابعاً/ وقفات مع آيات الدرس العاشر سورة الأعراف

الوقفات التي تذكر جزاء المؤمنين تزيد المؤمن ثباتا، وتشده إلى زيادة التمسك بحبل الله المتين، وإليك بعض الوقفات:

  1. الوقفة الأولى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا…) هؤلاء هم الذين آمنوا، وعملوا الصالحات قدر استطاعتهم لا يكلفون إلا طاقتهم، هؤلاء هم الذين يعودون إلى جنتهم! إنهم أصحابها، وإرثها لهم -بعملهم الصالح مع الإيمان- جزاء ما اتبعوا رسل الله، وعصوا الشيطان، وجزاء ما أطاعوا أمر الله العظيم، الرحيم، وعصوا وسوسة العدو اللئيم المطرود من رحمة الله، وإن الله يكلف عباده بقدر طاقتهم، ويعطيهم من فضله بما يناسب جوده، وكرمه، ولا يعطيهم بقدر عملهم فقط.
  2. الوقفة الثانية: فإذا كان أولئك المفترون، المكذبون، الظالمون، المجرمون، الكافرون، المشركون يتلاعنون في النار، ويتخاصمون، وتغلي صدورهم بالحقد بعد أن كانوا متوادين، فإن الذين آمنوا، وعملوا الصالحات في الجنة إخوان، متحابون، متصافون، متوادون، يرف عليهم السلام، والولاء (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ) فهم بشر، وعاشوا بشراً، وقد يثور بينهم في الحياة الدنيا غيظ يكظمونه، وغل يغالبونه، ويغلبونه، وإن تبقى في القلوب منه آثار، فسينزعها الله في الجنة لأنها لا تتناسب مع مكانتهم.
  3. الوقفة الثالثة: (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) وإذا كان أولئك ينادون بالتحقير، والتأنيب (قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ) فإن هؤلاء ينادون بالتأهيل، والتكريم (وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون) إنه التقابل التام بين أصحاب الجنة، وأصحاب النار.

خامساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات:

دلت الآيتان على أحكام استنبطنا منها ما يلي:

  1. الحكم الأول: خلود الذين آمنوا، وعملوا الصالحات. أصحاب الجنة هم فيها خالدون
  2. الحكم الثاني: التكليف على قدر الطاقة، والوسع سواء في التكاليف الشرعية من عبادات، وفرائض، أو التكاليف المالية كالنفقة على الأسرة، وغيرها.
  3. الحكم الثالث: نزع الغل من صدور أهل الجنة، والنزع هو الاستخراج، والغل الحقد الكامن في الصدر.
  4. الحكم الرابع: استحقاق إرث الجنة بالعمل الصالح، وهذا عدل من الله، ورحمة منه.

الدرس الحادي عشر/ سورة الأعراف

حوار بين أهل الجنة، وبين أهل النار، والأعراف – الآيات من (44-49)

لقد بينا في الدرسين السابقين مرحلة الجزاء سواء للمؤمنين، أو للكافرين، وفي هذا الدرس نستعرض الحوار الذي يجري بين الفريقين ـ أهل الجنة، وأهل النارـ بعد الاستقرار المكاني، ثم نستعرض الفريق الثالث من أين جاء، وكيف جاء، وما جزاؤه.

 أولاً/ أهداف الدرس:

هدفان لا ثالث لهما ركزت عليهما الآيتان وهما:

  1. إبراز المناظرة التي تدور بين المؤمنين، والكافرين بعد استقرار كل فريق في موضعه من النار، والجنة.
  2. بيان حقيقة أصحاب الأعراف، وهم قوم استوت حسناتهم، وسيئاتهم.

ثانياً/ التفسير والبيان:

  1. (44) (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) فأعلم مُعلِم أي مناد بين الفريقين من التأذين، وهو النداء، والتصويتَ للإعلام، ومنه الأذان للصلاة.
  2. (45) (وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا) يطلبون السبيل معوجة، أي مائلة عن الحق (الإسلام).
  3. (46) (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ) وبين أهل الجنة، وأهل النار حاجز عظيم، وهو السور المذكور في قوله تعالى: (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَاب) الحديد (13)، (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ) وعلى أعراف الحجاب (أعاليه) رجال وأعراف جمع عرف وهو: كل مرتفع من الأرض، لأنه بسبب ارتفاعه يصير أعرف مما انخفض عنه، ومنه عرف الفرس، وهؤلاء الرجال: أقوام من المؤمنين استوت حسناتهم، وسيئاتهم، فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار؛ فحبسوا هناك، حتى يقضي الله فيهم بما يشاء، فبينما هم كذلك إذ قال الله لهم: أنتم عتقائي، فارعوا من الجنة حيث شئتم، فيكونون آخر أهل الجنة دخولاً ممن لم يدخل النار (يَعْرِفُونَ كُلاًّ) يعرفون كلاً من أهل الجنة، وأهل النار (بِسِيمَاهُمْ) بعلاماتهم التي أعلمهم الله بها، كبياض الوجوه، ونظارة الوجوه لأهل الجنة، وسواد الوجوه، وزرقة العيون لأهل النار، والسمة: العلامة (وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ) أي حين عرفوهم (لَمْ يَدْخُلُوهَا…) أي نادوهم، وهم لم يدخلوا الجنة حال كونهم طامعين في دخولها مترقبين له.
  4. (47) (تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ) حيالهم، وتجاههم، ظرف مكان بمعنى جهة اللقاء، والمقابلة.
  5. (49) (أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ…) يقول الله تعالى، أو بعض الملائكة لأهل النار: أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة؟ مشيراً إلى ضعفاء المؤمنين قد قيل لهم (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ) أو مشيراً إلى أصحاب الأعراف، ثم يقول لهم (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ).

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه:

إن كلمة (بصر) تحتمل أكثر من معنى، فقد وردت بوجهين مختلفين:

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى البصر بالعين قال تعالى: (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ…) الأعراف (47) (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) الإنسان (2) (فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا) يوسف (93) (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) ق (2) (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا) طه (125).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى البصر في القلب قال تعالى: (وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُون) يونس (43) (وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِير) فاطر (19) (وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُون) الأعراف (198).

رابعاً/ وقفات مع آيات الدرس الحادي عشر سورة الأعراف:

وقفاتنا في هذا الدرس هي: وقفات لمعرفة حال الفريقين لما بعد الفوز، والخسران، وقد أشرنا إلى أربع وقفات هي:

  1. الوقفة الأولى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ…) وفي هذا السؤال من السخرية المرة ما فيه …إن المؤمنين واثقون من تحقق وعيد الله، ولكنهم يسألون! فيكون الجواب كلمة واحدة -نعم-، وبها ينتهي الجواب، ويقطع الحوار (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين) (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُون) هود (19) فيتحدد معنى الظالمين، وهو رديف لمعنى الكافرين، فهم الذين يصدون عن سبيل الله، ويريدون الطريق عوجاً لا استقامة فيه، وهم بالآخرة كافرون.
  2. الوقفة الثانية: (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ…) إن هؤلاء الرجال الذين يقفون على الأعراف -الحجاب الحاجز بين الجنة والنار- جماعة من البشر تعادلت حسناتهم، وسيئاتهم، فلم تصل بهم تلك إلى الجنة مع أصحاب الجنة، ولم تودي بهم هذه إلى النار مع أصحاب النار، وهم بين، بين ينتظرون فضل الله، ويرجون رحمته، وهم يعرفون أهل الجنة بسيماهم، ربما بياض الوجوه، ونظارتها، أو بالنور الذي يسعى بين أيديهم، وبأيمانهم، ويعرفون أهل النار بسيماهم، ربما بسواد الوجوه، وقتارتها، أو بالوسم الذي على أنوفهم التي كانوا يشمخون بها في الدنيا.
  3. الوقفة الثالثة: (وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُون) فها أنتم هؤلاء في النار لا جمعكم نفعكم، ولا استكباركم أغنى عنكم.
    الوقفة الرابعة- (أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ…) ثم يذكرونهم بما كانوا يقولونه عن المؤمنين في الدنيا من أنهم ضالون، لا ينالهم الله برحمة، انظروا الآن أين هم؟ وماذا قيل لهم؟ (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُون).

خامساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات:

أرشدت الآيات إلى خمسة أحكام نفهمها من سياقها، وهي كما يأتي:

  1. الحكم الأول: تقريع الكفار، وتعييرهم من خلال المناظرة بين أهل الجنة، وأهل النار.
  2. الحكم الثاني: اعتراف الكفار بتحقق وعد الله الذي كانوا ينكرونه في الدنيا الآية (44).
  3. الحكم الثالث: وقوع اللعنة على من اتصف بالمواصفات الآتية:
    1. الظالمون
    2. الذين يصدون عن سبيل الله
    3. المشككون بالحق، وطريق الله المستقيم
    4. الكافرون
  4. الحكم الرابع: تردد أصحاب الأعراف بين حالين بندائهم أصحاب الجنة، وأصحاب النار.
  5. الحكم الخامس: ميزان التفاضل في الآخرة الإيمان، والعمل الصالح.

الدرس الثاني عشر/ سورة الأعراف

استغاثة أهل النار بأهل الجنة، لإمدادهم من نعيمها – الآيات من (50-51)

بعد ذكر مشهد المفاصلة، والحوار في الدرس السابق تبدأ مشاهد الجزاء العملي، وهو استغاثة الكافرين بالمؤمنين من أول وهلة، وكيف كان رد المؤمنين لهم.

أولاً/ أهداف الدرس:

هناك أربعة أهداف مرسومة نستعرض هذا الدرس من خلالها وهي:

  1. إبراز مشهد من مشاهد عذاب أهل النار يوم القيامة.
  2. بيان ما يطلبه أهل النار من أهل الجنة من الطعام، والشراب.
  3. رد أهل الجنة على أهل النار بأن الله حرمها عليهم.
  4. توضيح سبب تحريم الله نعيم الجنة على أهل النار.

ثانياً/ التفسير والبيان:

  1. (50) (أَفِيضُواْ عَلَيْنَا) صبوا علينا شيئاً (مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ) من سائر الأشربة، ليخفف عنا ما نحن فيه من العطش، والعذاب، أو أفيضوا علينا من الماء، واطعمونا مما رزقكم الله من الطعام، والفاكهة.
  2. (51) (الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا) فلم يرفعوا به رأساً، ولم يعبؤا به (وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) خدعتهم عاجل ما هم فيه من الدعة، ورغد العيش، والرفاهية، عن الأخذ بنصيبهم من الآخرة، حتى جاءتهم المنايا، (وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور) آل عمران (185) يقال غَرَّه يغره، فهو مغرور: خدعه، وأطمعه بالباطل (فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا) فيوم القيامة نتركهم في العذاب، جياعاً، عطاشاً، لتركهم العمل، والاستعداد للقاء يومهم هذا، ولجحودهم آيات الله، وتكذيبها، والكاف في قوله (كَمَا) للتعليل و (مَا) في قوله تعالى: (وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُون) معطوفة على (ما) في (كَمَا نَسُواْ).

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه:

من الكلمات التي وردت بأكثر من وجه كلمة (صحب) فقد وردت على (8) أوجه:

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى سكان قال تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ) الأعراف (50) وقال تعالى: (أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون) يونس (27) وقال تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ) الأعراف (44) وقال تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ) الأعراف (48).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى القوم قال تعالى: (فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون) الشعراء (61).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى الرفيق قال تعالى: (وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) النساء (36) وقال تعالى: (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي) الكهف (76).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى النبي قال تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُون) التكوير (22) وقال تعالى (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) النجم (2).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى أخيه قال تعالى: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا) الكهف (34).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى الزوجة قال تعالى: (وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيه) المعارج (12) وقال تعالى (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ) الأنعام (101).
  7. الوجه السابع: وردت بمعنى الخَزَنة قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً) المدثر (31).
  8. الوجه الثامن: وردت بمعنى الزملاء قال تعالى: (لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) الأنعام (71).

رابعاً/ وقفات مع آيات الدرس الثاني عشر سورة الأعراف:

إن وقوف القارئ عند هذه الآيات يترسخ في ذهنه أن كل ما وعد الله به سيتحقق، وقد بينا وقفتين:

  1. الوقفة الأولى: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ…) وأخيراً ها نحن -المؤمنين- نسمع صوتاً آتياً من قبل النار ملؤه الرجاء، والاستجداء (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ…) وها نحن -الكافرين- نلتفت إلى الجانب الآخر، فنسمع جوابا ملؤه التذكير، الأليم المرير (إن الله حرمهما على الكافرين)
  2. الوقفة الثانية: (فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ…) ثم إذا صوت البشر عامة يتوارى، لينطق رب العزة، والجلال، وصاحب الملك، والحكم (فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ…) وهكذا تتوالى صفحات المشهد مجيئا، وذهابا لمحة في الآخرة، ولمحة في الدنيا، لمحة مع المعذبين في النار المنسيين كما نسوا لقاء يومهم هذا، وكما جحدوا آيات الله التي جاءت بها الرسل.

خامساً/ الأحكام المستنبطة من الآيتين:

ورد في هاتين الآيتين حكمان اثنان نستنبطهما كالتالي:

  1. الحكم الأول: تحريم الشراب، والطعام على الكافرين، وهو تحريم قهر، وعقاب.
  2. الحكم الثاني: إهمال الكافرين، ومعاملتهم معاملة المنسيين في جهنم؛ لنسيانهم واجباتهم نحو ربهم في الحياة الدنيا.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى