2025-04-24 9:45 م
إدارة الموقع
2025-04-24 9:45 م
تفسير سورة الأحزاب

الدرس العشرون (سورة الأحزاب)

من الآية (69-73) تحريم الإيذاء للمؤمنين والأمر بالتقوى

وفي الدرس العشرون والدرس الأخير لسورة الأحزاب من الآية (69 إلى 73) بينت السورة تحريم الإيذاء للمؤمنين والأمر بالتقوى، والتي سنوضح لكم فيه أهداف هذه الآيات وتفسيرها:

أولاً/ أهداف الدرس

  1. نهي الله تعالى للمؤمنين ألا يتشبهوا باليهود الذين آذوا موسى عليه السلام.
  2. أمر الله تعالى للمؤمنين بالتقوى والقول السديد.
  3. توضيح أن القول السديد يصلح الأعمال.

ثانياً/ التفسير والبيان

  1. (69) (وَجِيهًا) ذا وجاهة وقدر مستجاب الدعوة.
  2. (70) (وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا) صواباً أو صادقاً أو قاصداً إلى الحق من سدّد سهمه يسدده إذا وجهه للغرض المطلوب ولم يعدل به عن سمته والمراد من الأمر به: النهي عن ضده ومنه ما قاله المنافقون في شأن الرسول (ص) وزيد وزينب.
  3. (72) (عَرَضْنَا الأَمَانَةَ) هي التكاليف والفرائض أو كل ما يؤتمن عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا وسميت أمانة لأنها حقوق أودعها الله المكلفين وأتمنهم عليها وأوجب عليهم مراعاتها والمحافظة عليها، وأدائهم من غير اخلال بشيء منها ونقل القرطبي عن القفال وغيره أن الغرض في الآية ضرب مثال أي أن هذه الأجرام على عظمتها لو كانت بحيث يجوز تكليفها ثقل عليها تقلد الشرائع لما فيها من العقاب والثواب أي أن التكليف أمر حقه أن تعجز عنه السماوات والأرض والجبال وقد حمله الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل وفي القرآن من ضرب الأمثال كثير (فَأَبَيْنَ) امتنعن (وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) خفن من خيانة الله فيها وقيل الآية من المجاز أي أنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السماوات والأرض والجبال رأينا أنها لا تطيقها وأنها لو تكلمت لأبت وأشفقت فعبر هذا بعرض الأمانة كما تقول: عرضت الحمل على البعير فاباه وأنت تريد مقايسته بقوته بثقل الحمل فرأيت أنها تقصر عنه.
  4. (73) (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ…) اللام للعاقبة أي لتكون عاقبة الحمل أن يعذب الله من لم يرع الأمانة ولم يقم بحقها ويقبل توبة من أطاعه ورعى حقها وأناب إليه تعالى في أموره.

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(عرض) وردت على (7) أوجه

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى ضرب مثال قال تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ…).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى السعة قال تعالى (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى قولك عرضته على فلان قال تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ…).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى السوق قال تعالى (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا…).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى غنيمة بدون جهد قال تعالى (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ…).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى الذي لا يبقى قال تعالى (قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا…).
  7. الوجه السابع: وردت بمعنى تعليلاً لأيمانكم قال تعالى (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ…).

رابعاً/ وقفات مع الآيات

  1. الوقفة الأولى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى…) لم يحدد القرآن نوع الإيذاء لموسى ولكن وردت آيات بعينها مثل قول بني إسرائيل (قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا…) وقد أراد الله تحذير الذين آمنوا من كل ما يؤذي النبي (ص) كما آذى بنو إسرائيل موسى عليه السلام باتهامه باشياء لا تليق به وقد برأه الله مما رماه به قومه وكان عند الله وجيها ذا وجاهة وذا مكانة والله مبرئً رسله من كل ما يرمون به كذباً وبهتاناً ومحمد (ص) أفضل الرسل وأولاهم بتبرئته من الله والدفاع عنه.
  2. الوقفة الثانية: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا) ويوجه القرآن الكريم المؤمنين إلى تسديد القول واحكامه والتدقيق فيه ومعرفة هدفه واتجاهه قبل أن يعيبه المنافقين والمرجفين  وقبل أن يستمعوا في نبيهم إلى قول طائش ضال أو مغرض خبيث ووجههم إلى القول الصالح الذي يقود إلى العمل الصالح فالله يرعى المسددين ويقود خطاهم ويصلح لهم أعمالهم جزاء التصويب والتسديد ويكفر سيئاتهم.
  3. الوقفة الثالثة: (وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) والطاعة بذاتها فوزاً عظيم فهي استقامة على منهج الله مريحة مطمئنة والإهتداء إلى الصراط المستقيم الواضح سعادة بذاته ولو لم يكن وراءه جزاء سواه.
  4. الوقفة الرابعة: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ…) إن السماوات والأرض والجبال التي أختارها للتحدث عنها هذه الخلائق الضخمة تعرف باريها وتهتدي على ناموسه الذي يحكمها بخلقها وتكوينها ونظامها وتطيع ناموس الخالق طاعة مباشرة بلا تدبر ولا واسطة.
  5. الوقفة الخامسة: (وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً) الإنسان يعرف الله بإدراكه وشعوره ويهتدي إلى ناموسه بتدبره وبصره ويعمل وفق هذا الناموس بمحاولته وجهده ويطع الله بإرادته وحمل نفسه ومقاومة انحرافاته ونزغاته ومجاهدة ميوله وشهواته وهو في كل خطوة من هذه الخطوات مريد مدرك يختار طريقه وهو عارف إلى أين يؤدي به هذا الطريق، إنها أمانة ضخمة حملها هذا المخلوق الصغير الحجم القليل القوة الضعيف الحول المحدود العمر الذي تناوشه الشهوات والنزعات والميول والأطماع فيكون ظلوماً لنفسه لتحمله هذا العبئ الثقيل وجهولاً لطاقته بالنسبة لضخامة التكليف أما حين ينهض بالتبعة ويصل إلى المعرفة التي توصله إلى بارئه والإهتداء المباشر لناموسه والطاعة الكاملة لإرادة ربه حين يصل الإنسان إلى هذه الدرجة وهو واع مدرك مريد فإنه يصل حقاً إلى مقام كريم ومكان بين خلق الله فريد.
  6. الوقفة السادسة: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ…) فاختصاص الإنسان بحمل الأمانة ولم يقم بحقها فيستحق العذاب من ربه.
  7. الوقفة السابعة: وبهذا الإيقاع الهائل العميق تختم السورة التي بدأت بتوجيه الرسول (ص) إلى طاعة الله وعصيان الكافرين والمنافقين واتباع وحي الله والتوكل عليه وحده دون سواه والتي تضمنت توجيهات وتشريعات يقوم عليها نظام المجتمع الإسلامي خالصاً لله موجهاً له مطيعاً لتوجيهاته بهذا الإيقاع الذي يصور جسامة التبعة وضخامة الأمانة ويحصرها كلها في نهوض الإنسان بمعرفة الله والإهتداء إلى ناموسه والخضوع لمشيئته تختتم السورة فيتناسق بدأها وختامها مع موضوعها واتجاهها ذلك التناسق المعجز الدال بذاته على مصدر هذا الكتاب.

خامساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات

  • الحكم الأول: أوجب الله تعالى الخير في الأفعال أو التقوى والصدق في القول.
  • الحكم الثاني: وعد الله تعالى أنه يجازي على القول السديد وتقوا الله بإصلاح الأعمال وغفران الذنوب.
  • الحكم الثالث: من يطع الله ورسوله فيما أمر به ونهى عنه فقد نجا من النار وفاز بالجنة.
  • الحكم الرابع: ختمت السورة المشتملة على الأحكام بأمر اجمالي هو وجوب التزام الأوامر الإلهية والآداب الشرعية السامية والمواعظ الرائعة.
  • الحكم الخامس: الأمانة تشمل جميع تكاليف الشرع ووظائف الدين.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى