تفسير سورة الأحزاب
الدرس السابع عشر (سورة الأحزاب)
من الآية (56-58) تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام وجزاء إيذاءه وإيذاء المؤمنين
في درسنا السابع عشر لسورة الأحزاب من الآية (56 إلى 58) جاءت لتعظيم النبي عليه الصلاء والسلام وذكرت جزاء إيذائه وإيذاء المؤمنين.
أولاً/ أهداف الدرس
- بيان أن صلاة الله على نبيه الرحمة وصلاة الملائكة الدعاء.
- توضيح عقوبة من يؤذي الله ورسوله في الدنيا والآخرة.
- الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات من غير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وظلم مبيناً.
ثانياً/ التفسير والبيان
- (56) (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) المراد بالصلاة هنا العطف وهو من الله الرحمة ومن الملائكة استغفار ومن الناس الدعاء (وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) قولوا السلام عليك أيها النبي والسلام مصدر بمعنى السلامة أي السلامة من النقائص والآفات لك أي ملازمة لك ولتضمنه معنى الثناء.
- (58) (بُهْتَانًا) فعلاً شنيعاً أو كذباً فضيعاً.
ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه
(أذى) وردت على (9) أوجه:
- الوجه الأول: وردت بمعنى البهتان قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ…) ألى قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا…).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى القذر والضرر قال تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى…).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى العلة قال تعالى (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ…).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى الضرر من المطر قال تعالى (إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ…).
- الوجه الخامس: وردت بمعنى التوبيخ والتعبير والجفا والضرب قال تعالى (وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا…).
- الوجه السادس: وردت بمعنى الحرج قال تعالى (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ…).
- الوجه السابع: وردت بمعنى المن قال تعالى (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيم). الوجه
- الوجه الثامن: وردت بمعنى العذاب قال تعالى (قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا).
- الوجه التاسع: وردت بمعنى ما يزعم الآخر من القول أو الفعل قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم).
رابعاً/ أسباب النزول
- سبب نزول الآية (57) (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ…) نزلت في الذين طعنوا بالنبي (ص) حين اتخذ صفيعة بنت حيي زوجة له أو بسبب قذف عائشة (ض).
- سبب نزول الآية (58) (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ…) قال ابن عباس نزلت في عبدالله بن أبي وناس معه قذفوا عائشة (ض) فقال النبي (ص) (من يعذرني في رجل يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني) وقال مقاتل (نزلت في علي (ض) كان بعض المنافقين يؤذونه.
خامساً/ وقفات مع الآيات
- الوقفة الأولى: في الآية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فصلاة الله على النبي ذكره بالثناء في الملأ الأعلى وصلاة ملائكته دعاؤهم له عند الله سبحانه وتعالى ويالها ن مرتبة سنية حيث تردد جنبات الوجود ثناء الله على نبيه وشرف به الكون كله وتتجاوب به أجزاءه وتأتي صلاة البشر من المؤمنين من باب تشريف الله لهم بأن يقرنوا صلاتهم وتسلمهم إلى صلاته وتسليمه وأن يصلهم عن هذا الطريق بالأفق العلوي الكريم الأزلي القديم.
- الوقفة الثانية: في الآية (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ…) وفي ظل هذا التمجيد الإلهي يبدو إذاء الناس للنبي (ص) بشعاً شنيعاً ملعوناً قبيحاً ويزيد بشاعة وشناعة أنه إيذاء الله من عبيده ومخاليقه.
- الوقفة الثالثة: في الآية (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا…) ويستطرد كذلك إلى إيذاء المؤمنين والمؤمنات عامة إيذاؤهم كذباً وبهتاناً بنسبة ما ليس فيهم من النقائص والعيوب وهذا التشديد يشيء بأنه كان في المدينة يوم ذاك فريق يتولى هذا الكيد للمؤمنين والمؤمنات وهو عام في كل زمان ومكان.
- الوقفة الرابعة: في الآية (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ…) ثم أمر الله نبيه (ص) أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين عامة إذا خرجن لحاجتهن أن يغطين أجسامهن ورؤوسهن وجيوبهن وهي فتحة الصدر من الثوب بجلباب كاس فيميزهن هذا الزي ويجعلهن في مأمن من معاينة الفساق.
سادساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات
- الحكم الأول: الصلاة على النبي في التشهد بالصلاة واجبة وسنة مؤكدة في غيرها.
- الحكم الثاني: حرمة إيذاء الله ورسوله والمؤمنين والمؤمنات بالقول أو الفعل.