الدرس الرابع عشر (سورة الأحزاب)
الآية (50) النساء اللاتي أحل الله زواجهن للنبي عليه الصلاة والسلام

وفي الدرس الرابع عشر من سورة الأحزاب كانت الآية (50) والتي وضحت النساء اللاتي أحل الله زواجهن للنبي صلى الله عليه وسلم، وسوف نذكر لكم الهدف منها وتفسيرها:
أولاً/ هدف الدرس
- إبراز ما أحل الله لرسوله (ص) من الزواج.
ثانياً/ التفسير والبيان
- (50) (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ) أعطيت مهورهن وهن نساؤه اللاتي في عصمته كعائشة وحفصة (ض) وأطلق على المهر أجر لمقابلته الإستمتاع الدائم بالبضع وغيره مما يحل الإنتفاع به من الزوجة كما يقابل الأجر المنفعة (وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ) أي من السبي كصفية بنت حيي بن أخطب من سبي خيبر وجويرية بنت الحارث من سبي بني المصطلق (وَبَنَاتِ عَمِّكَ) أي قراباتك من جهة الأب وقراباتك من جهة الأم وهن نساء قريش ونساء بني زهرة (اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) حصلت منهن الهجرة وإن لم تقترن بهجرة الرسول (ص) وتقييد إحلال الأزواج بإيتاء المهور والمملوكات بكونهن مما أفاء الله عليه القرابات بكونهن مهاجرات للإشارة بما هو الأفضل له (ص) لتوقف الحل عليه (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) أي وأحللنالك امرأة مؤمنة إن ملكتك المتعة بها بأي عبارة كانت بلا مهر وأنت تريد ذلك فتكون إرادتك قبولاً وممن وهبن أنفسهن له (ص) خولة بنت حكيم وقيل لم تكن عنده (ص) امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين وحل الواهبة نفسها له مهر من خصائصة (ص) فلا تحل لغيره إلا بمهر كما قال تعالى (خَالِصَةً لَّكَ) أي خلص لك إحلال الواهبة خالصة أي خلوصاً بلا مهر (مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فلا بد للإحلال لهم من مهر المثل (قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ) أي في حق أزواجهم من شرائط العقد وحقوقه فلا يجوز لهم الإخلال به ولا الإقتداء بالرسول (ص) فيما خصه الله به توسعة عليه وتكريماً له فلا يجوز لهم التزوج إلا بعقد ومهر وشهود ولا يجوز لهم الزيادة على أربع.
ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه
(حلل) وردت على (7) أوجه:
- الوجه الأول: وردت بمعنى أباح قال تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى يجب قال تعالى (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى أبسط قال تعالى (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى ينزل قال تعالى (أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ) وقال تعالى (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ).
- الوجه الخامس: وردت بمعنى خرجتم من الحرم قال تعالى (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ…).
- الوجه السادس: وردت بمعنى يرخص قال تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ).
- الوجه السابع: وردت بمعنى أستحل قال تعالى (يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا).
رابعاً/ أسباب النزول
سبب نزول الآية (50) (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ…) أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عباس عن أم هاني بنت أبي طالب قالت خطبني رسول الله (ص) فاعتذرت إليه فعذرني فأنزل الله (إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ) فلم أكن أحل له لأننى لم أهاجر إلى قوله (اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) وفي قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً) قال عكرمة (نزلت في أم شريك الدوسية واسمها غزية بنت جابر بن حكيم الدوسي عرضت نفسها على النبي (ص) وكانت جميلة فقبلها فقالت عائشة مافي أمرأة حين تهب نفساً لرجل خير قالت أم شريك فأنا تلك فسماها الله مؤمنة)
(وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) فلما نزلت هذه الآية قال عائشة (إن الله يسرع لك في هواك).
خامساً/ وقفات مع الآيات
- الوقفة الأولى: في قوله تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ) ففي الآية يحل الله للنبي (ص) أنواع النساء المذكورات فيها ولو كن فوق الأربع مما هو محرم على غيره وهذه الأنواع هي:
- الأزواج اللاتي أمهرهن
- ما ملكت يمينه إطلاقاً من الفيئ
- بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ممن هاجروا معه دون غيرهن ممن لم يهاجرن أكراماً للمهاجرات.
- أيما امرأة وهبت نفسها للنبي بلا مهر ولا ولي إن أراد النبي (ص) نكاحهن وأرجح الأقوال فيمن وهبن انفسهن للنبي (ص) أنه زوجهن من رجال آخرين، واللاتي وهبن انفسهن للرسول (ص) هن كما يلي:
- ميمونه بنت الحارث
- زينب بنت خزيمة (أم المساكين الأنصارية)
- أم شريك بنت جابر
- خولة بنت حكيم
- الوقفة الثانية: قد جعل الله هذه خصوصية للنبي عليه الصلاة والسلام بما أنه ولي المؤمنين والمؤمنات جميعاً، فأما الآخرون فهم خاضعون لما بينه الله وفرضه عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم ذلك كي لا يكون على النبي حرج في استبقاء أزواجه وفي الإستجابة للظروف الخاصة المحيطة بشخصه.
سادساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات
- الحكم الأول: جميع النساء حاشا ذوات المحارم إذا آتاهن مهورهن يجوز الزواج بهن والفرق بين عقد النكاح والعقود الأخرى أن عقد النكاح إنما هو عقد استباحه والعقود الأخرى عقود تمليك والمهر إنما هو عطية أوجبه الله تعالى اظهاراً لخطر المحل وليس عوض.
- الحكم الثاني: السراري مملوكات اليمين اللاتي ردها الله عليه من غنائم الحرب المأخوذة على وجه القهر والغلبة في وقت كان السبي والإسترقاق مشروعاً في العالم معاملة بالمثل.
- الحكم الثالث: قريباته بنات العم والخال وبنات العمة والخالة المهاجرت معه من مكة إلى المدينة هن حلال له.
- الحكم الرابع: النساء اللاتي وهبن له أنفسهن من غير مهر وهن أربع المذكورات سابقاً خاصاً به دون غيره.