2024-12-19 9:22 م
إدارة الموقع
2024-12-19 9:22 م
تفسير سورة الأحزاب

الدرس التاسع (سورة الأحزاب)

من الآية (31-34) خصائص أهل بيت النبوة  

وذكرت الآيات من (31 إلى 34) في سورة الأحزاب عن خصائص أهل بيت النبوة وما تميزوا به عن غيرهم والتي سنشرحها لكم تفصيلا في هذا المقال:

أولاً/ أهداف الدرس

  1. مضاعفة أجر نساء الرسول (ص) على الأعمال الصالحة.
  2. بيان أمر الله لنساء الرسول (ص) بأن يقرن في بيوتهن.
  3. تذكيرهن بالقرآن الكريم الذي يتلى في بيوتهن.

ثانياً/التفسير والبيان

  1. (31) (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ) تخضع وتطيع.
  2. (32) (يَانِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء) أدبً أدب الله به نساء نبيه (ص) وهن في مكان القدوة لسائر النساء ومن حملة هدي النبوة للأمة أي لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء فإذا تقصية أمة النساء جماعة جماعة لم توجد جماعة منهن تعدلكن في الفضل والسابقة (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) الله عز وجل كما أمركن أي إن دمتن على ما انتن عليه من التقوى وهو شرط لنفي المثلية (فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) لا ترققن الكلام ولا تُلنّه إذا خاطبتن الرجال، والعرب تعد من محاسن خصال النساء جاهلية واسلاماً تنزه خاطبهن عن ذلك لغير الزوج من الرجال (وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) حسناً محموداً بعيداً عن الريبة والإطماع.
  3. (33) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الزمنها فلا تخرجن لغير حاجة مشروعة ومثلهن في ذلك سائر نساء المسلمين (وَقَرْنَ) وقرأ (وقِرن) بكسر القاف كلاهما من القرار بمعنى السكون (وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) إذا خرجتن لحاجة فيحرم أن تبدي أحداكن من زينتها ما أوجب الله عليها ستره كالشعر والعنق والصدر والذراعين والساقين مما شأنه أن يثير النظر إليه شهوة الرجال ومن التبرج في بعض الروايات المشية بتكسر وحركات مثيرة كما كان يفعل نساء الجاهلية الأولى مأخوذ من البرج وهو سعة العين وحسنها، والأولى بمعنى المتقدمة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) تعليل لما تقدم من الأوامر والنواهي (الرِّجْسَ) الذنب والإثم والقذر والنقائص والمراد هنا: ذهاب كل ذلك عنهم (وال) فيه للاستغراق ويحتمل أن تكون للجنس (أَهْلَ الْبَيْتِ) نساؤه (ص) بقرينة السياق.
  4. (34) (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) اعملن بما ينزل في بيوتكن من القرآن الجامع بين كونه آيات بينات دالة على صدق النبوة وكونه حكمة مشتملة على فنون العلوم والشرائع والحكم والمواعظ والآداب والفضائل، وفي الآية إشارة إلى أنهن (وقد خصصن بنزول الوحي في بيوتهن دون سائر الناس) أحق بهذه الذكرى من سواهن.

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(حسن) وردت على (6) أوجه

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى احسان العمل قال تعالى (فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى الحسنة تعني النصرة والغنيمة والسيئة تعني القتل والهزيمة قال تعالى (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا…).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى التوحيد قال تعالى (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا…).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى كثرة المطر والخصب والسعة والسيئة: القحط والجدب والضيق قال تعالى (فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ…).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى العافية قال تعالى (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ…).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى العفو وقول المعروف قال تعالى (وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ).

رابعاً/ وقفات مع الآيات

  1. الوقفة الأولى: في الآية (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا…) والقنوت الطاعة والخضوع والعمل الصالح هو الترجمة العملية للطاعة والخضوع (نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ) كما أن العذاب يضاعف للمقارفة ضعفين (وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) فهو حاضر مهيأ ينتظرها فوق مضاعفة الأجر فضلا من الله ومنه.
  2. الوقفة الثانية: في الآية (يَانِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء…) لقد جاء الإسلام فوجد المجتمع العربي كغيره من المجتمعات في ذلك الحين ينظر إلى المرأة على أنها أداة للمتاع واشباع الغريزة ومن ثم ينظر إليها من الناحية الإنسانية نظرة هابطة فأخذ الأسلام يرفع نظرة المجتمع إلى المرأة ويؤكد الجانب الإنساني في علاقات الجنسين فليست هي مجرد اشباع لجوعة الجسد إنما هي اتصال بين كائنين انسانيين من نفس واحدة بينهما مودة ورحمة وفي اتصالهما سكن وراحة ولهذا الإتصال هدف مرتبط بإرادة الله في خلق الإنسان وعمارة الأرض وخلافة هذا الإنسان فيها بسنة الله، والحكمة من الآية أن ينصرف النساء إلى رعاية شئون بيوتهن وتوفير وسائل الحياة المنزلية التي هي من خصائصهن ولا يحسنها الرجال والى تربية الأولاد في عهد الطفولة وهي من شأنهن وقد جرت السنة الإلهية بأن أمر الزوجين قسمة بينهما فللرجال أعمال من خصائصهم لا يحسنها النساء وللنساء أعمال من خصائصهن لا يحسنها الرجال فإذا تعدى فريق عمله أختل النظام في البيت والمعيشة ومما يباح خروجهن لأجله الصلاة والحج وزيارة الوالدين وعيادة المريض وتعزية الأقارب والعلاج والعمل بشرط الستر وعدم التبذل.
  3. الوقفة الثالثة: في الآية (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى…) كان تبرج الجاهلية كما يرويه ابن حيان والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيداري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك كله منها هذه هي صورة التبرج في الجاهلية التي عالجها القرآن الكريم ليطهر المجتمع الإسلامي من آثارها ويبعد عنه عوامل الفتنة ودواعي الغواية ويرفع آدابه وتصوراته ومشاعره وذوقه كذلك، والجاهلية هي حالة اجتماعية معينة تتكرر.
  4. الوقفة الرابعة: في الآية (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ…) وإنه لحظ عظيم يكفي التذكير به لتحس النفس جلالة قدره ولطيف صنع الله فيه وجزالة النعمة التي لا يعد لها نعيم، وهذا التذكير يجيء كذلك في ختام الخطاب الذي بدأ بتخيير نساء النبي (ص) بين متاع الحياة الدنيا وزينتها وإيثار الله ورسوله والدار الآخرة فتبدو جزالة النعمة التي ميزهن الله بها وضآلة الحياة الدنيا بمتاعها كله وزينتها.

خامساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات

تضمنت الآيات سبعة آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة في أغلبها تبع لهن في ذلك:

  1. طاعة الله والرسول والعمل الصالح من ازواج النبي (ص) لها ثواب مضاعف ورزق كريم في الجنة.
  2. لنساء النبي (ص) منزلة وفضل وشرف يتميزن بها عن سائر جماعات النساء الأخريات وكذلك النساء المؤمنات يمتزن عن غيرهن بالتقوى والعمل الصالح وإن كن أدنى من درجات نساء النبي (ص).
  3. على نساء النبي (ص) أن يكون قولهن جزلاً وكلامهن فصلاً ولا يكن على وجهً يظهر اللين والميل من الفجار.
  4. أمر الله تعالى نساء النبي (ص) بملازمة بيوتهن ونهاهن عن التبرج وهو اظهار ما ستره أحسن ويدخل معهن غيرهن من نساء المسلمين بالمعنى.
  5. الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله (ص) في كل أمر ونهي.
  6. إن كل تلك الأوامر والآداب يقصد بها تطهير أهل بيت النبوة من دنس المعاصي ورجس المنكرات وجعلهن في طليعة النساء صوناً وعفة وطاعة لله ورسوله (ص).
  7. التذكير بنعمة الله على نساء النبي (ص) إذ صيرهن الله في بيوت يتلى فيها القرآن والحكمة وهي كلمات النبي (ص) والأمر بالتفكير فيها.

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى