2025-03-11 9:28 ص
إدارة الموقع
2025-03-11 9:28 ص
تفسير سورة الأحزاب

الدرس الثامن (سورة الأحزاب)

من الآية (28-30) تخيير زوجات النبي بين الدنيا والآخرة ومقدار ثوابهن وعقابهن

وبعد ذكر سورة الأحزاب عن نتائج غزوة الأحزاب، ذكرت الآيات التي تليها عن الدروس والعبر المستفادة تخيير زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة ومقدار ثوابهن وعقابهن والتي جاءت في الآية الـ 28 إلى الآية 30 وهذا هو تفسيرها بالتفصيل:

أولاً/ أهداف الدرس

  • بيان أمر الله لرسوله بتخيير نساءه بين الدنيا والآخرة.
  • تميز نساء الرسول (ص) عن غيرهن من النساء.

ثانياً/ التفسير والبيان

  1. (28) (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ…) طلبت أزواج النبي (ص) (وهن تسع) السعة في النفقة وثيابا للزينة فأمر أن يخبرهن بين التسريح بإحسان لينلن الدنيا وبين الصبر على ضيق الحال ليظفرن في الآخرة بالحسنى فاخترن (ض) الله ورسوله والدار الآخرة وقد كافئهن الله على ذلك بحرمة الزيادة عليهن وحرمة استبدالهن بقوله (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن) (أُمَتِّعْكُنَّ) اعطيكن متعة الطلاق وهي مستحبة للمطلقات المدخول بهن اللاتي سمي لهن مهر وهي حق على المتقين (وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً) اطلقكن طلاقاً خالياً من الضرار أو من الخصومة وهو التسريح بإحسان.
  2. (30) (يَانِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) وعظ لنسائه (ص) مع عصمة الله لهن وطهارتهن من كل سوء أي من يأت منكن معصية ظاهرة القبح يضاعف عقابها فإن المعصية من رفيع الشأن أشد قبحاً فناسب أن يضاعف جزائها، والجملة الشرطية لا تقتضي وقوع الشرط كما في قوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ).

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(زين) وردت على (8) أوجه

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى زخارف الحياة الدنيا ونضارتها قال تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا…).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى الحسن قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء…).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى الحلي قال تعالى (وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ…).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى متعة الحياة قال تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا…).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى المنظر الحسن قال تعالى (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ…).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى الألوان قال تعالى (إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ…).
  7. الوجه السابع: وردت بمعنى الكواكب قال تعالى (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِب).
  8. الوجه الثامن: وردت بمعنى لبس الثياب وستر العورة قال تعالى (يَابَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ).

رابعاً/ أسباب النزول

سبب نزول الآية (28) (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ…) روى أحمد ومسلم والنسائي عن جابر (ض) قال: أقبل أبو بكر (ض) يستأذن على رسول الله (ص) فلم يؤذن له ثم أقبل عمر فستأذن فلم يؤذن له ثم أذن لهما فدخلا والنبي (ص) جالس وحوله نساؤه وهو ساكت فقال عمر لأكلمن  النبي (ص) لعله يضحك فقال عمر يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد (امرأة عمر) سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها فضحك النبي (ص) حتى بدى نواجده فقال (هن حولي يسألني النفقة ) فقام أبو بكر على عائشة ليضربها وقام عمر إلى حفصة كلاهما تسألان النبي (ص) ما ليس عنده وأنزل الله الخيار فبدأ بعائشة فقال إني ذاكر لك أمراً ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك فقالت ماهو؟ فتلا عليها (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ…) الآية قالت: أفيك أستأمر أبواي؟ بل أختار الله ورسوله (ص) واسألك الا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت فقال الرسول (ص) (إن الله لم يبعثني معنفاً ولكن بعثني معلما ميسراً لا تسألني امرأة منهن عما أخترت إلا أخبرتها).

خامساً/ وقفات مع الآيات

  • الوقفة الأولى: في الآية (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ…) لقد اختار النبي (ص) لنفسه ولأهل بيته معيشة الكفاف لا عجزاً عن حياة المتاع فقد عاش حتى فتحت له الأرض وكثرت غنائمها وعم فيئوها وأغنى من لم يكن له مالاً من قبل ولا زادً ومع هذا فقد كان الشهر يمضي ولا توقد في بيوته نار مع وجوده بالصدقات والهبات والهدايا ولكن كان ذلك إختباراً للاستعلا على متاع الحياة الدنيا ورغبة خالصة فيما عند الله رغم عدم تحريم عليه المتاع ولكن نساء النبي (ص) كن نساء من البشر لهن مشاعر البشر وعلى فضلهن وقربهن من ينابيع النبوة فإن الرغبة الطبيعية في متاع الحياة ضلت حية في نفوسهن ونزلت آية التخيير لهن فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.
  • الوقفة الثانية: في الآية (يَانِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ…) إنها تبعة المكان الكريم الذي هن فيه وهن أزواج النبي (ص) وأمهات المؤمنين وتلك الصفتان ترتبان عليهن واجبات ثقيلة وتعصمهن كذلك من مقارفة الفاحشة فإذا فرض وقارفت واحدة منهن فاحشة مبينة واضحة لاخفاء فيها كانت مستحقة لضعفين من العذاب وذلك فرض بين لتبعة المكان الكريم الذي هن فيه (وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) لا تمنعه ولا تصعبه مكانتهن من رسول الله.

سادساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات

  • الحكم الأول: الآيات حث واضح على منع إيذاء النبي (ص) أو مضايقته ولو من اقرب الناس إليه وفيها أدب عال لبيت النبوة الطاهر وتسام لمستوى الأنبياء وترفع عن حطام الدنيا وتربية لنساء النبي (ص) على الزهد والعفة والخلق السامي واعظام الله ورسوله (ص).
  • الحكم الثاني: لم يعد تخيير الرجل لامرأته بالطلاق أو البقاء على عصمته طلاقاً على الأرجح واختلف العلماء فيما إذا اختارت الزوجة الطلاق.
  • الحكم الثالث: جعل الله ثواب طاعة أزواج النبي (ص) وعقاب معصيتهن أكبر مما لغيرهن (يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ).

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى