2025-03-11 9:19 ص
إدارة الموقع
2025-03-11 9:19 ص
تفسير سورة آل عمران

سورة آل عمران (الدرس الثالث عشر)

في الدرس الثالث عشر من تفسير سورة آل عمران بينت الآيات قصة نبي الله عيسى عليه السلام مع قومه المؤمنين والكفار وكيف رفعه الله إليه حينما أرادوا قتله وصلبه

التفسير والبيان لآيات الدرس الثالث عشر سورة آل عمران

  1. (52) (أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) علمه يقينا وتحققه تحقق ما يدرك بالحواس ومنه (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ) (98) مريم ، (أَنصَارِي إِلَى اللّهِ) اعواني حال كوني ذاهبا إلى الله أي ملتجأ إليه ، (الْحَوَارِيُّونَ) اصفيا عيسى عليه السلام جمع حواري وحواري الرجل ناصروه وخاصته من الحوّر وهو شدة البياض ومنه قيل الحوّري للخبز الخالص الدقيق وسموا حواريون يبين لخلوص نياتهم ونقاء سرائرهم من النفاق والريبة كنقاء الثوب الأبيض من الدنس.
  2. (54) (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ) دبر اليهود الذين أحس عيسى منهم الكفر قتله غيلة وتواطئوا عليه فأحبط الله تدبيرهم برفعه إلى محل كرامته والقاء شبهه على من قصد اغتياله فقتلوه والمكر التدبير المحكم أو صرف غيرك عما يدبره بحيلة وهو مذموم إن تحرى به الفاعل الشر والقبيح كمكر هؤلاء اليهود ومحمود إن تحرى به الخير والجميل ومنه (مكر الله) حيث نجى رسوله منهم فلا ضرورة لادعاء المشاكلة اللفظية في إطلاق المكر في حقه سبحانه وتعالى المعنى اللائق بكماله.
  3. (55) (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) اخذك وافيا بروحك وجسمك وارفعك إلى محل كرامتي فالعطف للتفسير أو قابضك ومستوفي شخصك من الأرض واعلم أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب كما قال تعالى (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ) وما قتلوه تعيينا فاعتقاد النصارى القتل والصلب كفر لا ريب فيه وقد اخبر الله تعالى أنه رفع إليه عيسى كما قال (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) وقال (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ) فيجب الإيمان به والجمهور على أنه رفع حيا من غير موت ولا غفوة بجسده وروحه إلى السماء والخصوصية له عليه السلام هي في رفعه بجسده وبقائه فيها إلى الأمد المقدر له وأما التوفي المذكور في هذه الآية وفي قوله تعالى (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) فالمراد منه على ما ذكرناه على الرواية الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنه والصحيح من الأقوال كما قاله القرطبي وهو اختيار الطبري وغيره وكما كان عليه السلام في مبدأ خلقه آية للناس ومعجزة ظاهرة والمعجزات بأسرها فوق قدرة البشر ومدارك العقول وهي متعلقات القدرة الإلهية ومن الأدلة على صدق الرسل عليهم السلام (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ) بأبعادك منهم برفعك وبنجاتك مما قصدوا بك ، (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ….) هم كل من آمن بأنه عبد الله ورسوله وكلمته القاها إلى مريم وروح منه وآمن بما جاء به من التوحيد الذي جاء به جميع الرسل ويندرج فيهم المسلمون من أمة محمد (ص) الذين آمنوا برسل الله جميعا ولم يفرقوا بين أحد منهم وهم فوق الذين كفروا بالحجة والبرهان إلى يوم القيامة.

الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه

(مكر) وردت على (6) أوجه

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى التدبير قال تعالى (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى الإفساد قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا) (وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ…).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى فعل الشر والسيئات قال تعالى (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى انتشار الخير ورواجه قال تعالى (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى الخداع قال تعالى (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى التآمر والتواطؤ قال تعالى (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا…).

وقفات مع آيات الدرس الثالث عشر سورة آل عمران

  1. الوقفة الأولى: بعد ما أرى عيسى عليه السلام بني إسرائيل كل تلك المعجزات التي لا تتهيأ لبشر وما جاء به من التخفيف عنهم لبعض القيود والتكاليف قابلوا ذلك كله بالكفر والجحود فلما أحس منهم ذلك قال (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) من أنصاري إلى دين الله ودعوته رد عليه الحواريون (نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون) ثم توجهوا إلى الله (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين) فكانت الإستجابة وكان العهد مع الله تبع تلك المناصرة العملية لدين الله ورسوله عيسى عليه السلام.
  2. الوقفة الثانية: من مكر اليهود على عيسى عليه السلام ما يلي:
    1. قذفوه وقذفوا أمه الطاهرة مع يوسف النجار خطيبها الذي لم يدخل بها كما تذكر الأناجيل.
    2. اتهموه بالكذب والشعوذة 3- وشوا به عند الحاكم الروماني بأنه يهيج الجماهير للانتفاضة على الحكومة الرومانية حتى أذن لهم الحاكم الروماني بعقاب عيسى عليه السلام.
  3. الوقفة الثالثة: بعد ما أراد اليهود قتل عيسى عليه السلام خلصه الله منهم برفعه إليه وطهره من مخالطتهم والبقاء بينهم.
  4. الوقفة الرابعة: إن الذين اتبعوا عيسى عليه السلام هم المؤمنون بدين الله الصحيح سواء كانوا من اتباع عيسى في زمانه أو المسلمون الذين يؤمنون بجميع الأديان وجميع الرسل فهؤلاء فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة في ميزان الله كما أنهم كذلك في واقع الحياة كلما واجهوا معسكر الكفر بحقيقة الإيمان وحقيقة الإتباع.
  5. الوقفة الخامسة: إن الرجعة إلى الله لا محيد عنها وحكم الله فيما اختلفوا فيه لا مرد له وعذاب شديد في الدنيا والآخرة للكافرين ولا ناصر لهم منه وتوفية للأجر للذين آمنوا وعملوا الصالحات لا محابات فيه ولا بجس (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين).
  6. الوقفة السادسة: إن أحداث التاريخ لم تنقل على حقيقتها إلا من القرآن الحكيم الذي يتولى تقرير الحقائق الكبرى في النفس والحياة بمنهج وأسلوب وطريقة تخاطب الفطرة وتتلطف في الدخول عليها بشكل غير معهود فيما يصدر عن غير هذا المصدر الفريد.

 الأحكام المستنبطة من آيات الدرس الثالث عشر سورة آل عمران

  1. الحكم الأول: وجوب فرز القادة لأتباعهم حتى يعرفوا المخلص فيتحمل مسئوليته في الصف الإسلامي وغير المخلص فيجنبوه تحمل المسئولية في العمل الإسلامي.
  2. الحكم الثاني: وجوب مناصرة دين الله ومأزرة الدعاة إليه والوقوف في صفهم ضد أعداء الإسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين.
  3. الحكم الثالث: وجوب الإيمان بما جاء من عند الله سواء كان في حدود معرفة العقل أو فوق إدراكه والإيمان بالمحكم والمتشابه.
  4. الحكم الرابع: الإيمان بأن مصدر الحقائق التاريخية الحقيقي هو القرآن وأما المصادر الأخرى فهي ضنية ولا ترقى إلى الحقائق.

تفسير سورة آل عمران الدرس الحادي عشر ( قصة مريم )

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى