
بالدرس الحادي عشر وردت قصة مريم أم نبي الله عيسى في سورة آل عمران وتحديداً في الآيات (42-44) وفيما يلي تفسير الأيات وبيان مقاصدها
التفسير والبيان لآيات الدرس الحادي عشر سورة آل عمران
- (43) (اقْنُتِي لِرَبِّكِ) اخلصي له وحده العبادة وأديمي له الطاعة من القنوت وهو لزوم الطاعة مع الخضوع.
- (44) (يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ) يرمون سهامهم في الماء الجاري للاقتراع عمن يكفل مريم فمن وقف قلمه على الجري مع الماء فهو أحق بها فجرت كلها مع الماء إلا قلم زكريا فإنه ثبت فكفلها الله له والأقلام والسهام والأزلام والقداح بمعنى واحد.
قصة نبي الله زكريا عليه السلام
الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه
(طهر) وردت على (11) وجهاً
- الوجه الأول: ورد بمعنى التطهر من الفاحشة والإثم قال تعالى (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى الإغتسال بعد انتهاء الحيض او من الجنابة قال تعالى (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ) (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى الإستنجاء والوضوء قال تعالى (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى التطهر من جميع النجاسات والأخباث والأحداث قال تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ).
- الوجه الخامس: وردت بمعنى التنزه من اللواط قال تعالى (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون).
- الوجه السادس: وردت بمعنى مما قد يعتري نساء الدنيا من نقص قال تعالى (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ).
- الوجه السابع: وردت بمعنى التطهر من الذنوب قال تعالى (ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَر) (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا).
- الوجه الثامن: وردت بمعنى التجرد من القصور والتناقض الذي قد يعتري كلام البشر قال تعالى (فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَة مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَة).
- الوجه التاسع: وردت بمعنى الإعداد والمتهيأ لأن تكون البيت صالحة للطواف والإعتكاف قال تعالى (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ).
- الوجه العاشر: وردت بمعنى التخلص من الظلم بسبب عضل المرأة من العودة إلى زوجها بعد الطلاق إذا راجعها قال تعالى (ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون)البقرة (232).
- الوجه الحادي عشر: وردت بمعنى الحلال قال تعالى (قَالَ يَاقَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).
وقفات مع آيات الدرس الحادي عشر سورة آل عمران
- الوقفة الأولى: إن اصطفى الله لمريم هو اختياره لها لتلقي النفخة المباشرة كما تلقاها أول هذه الخليقة (آدم) عليه السلام وعرض هذه الخارقة على البشرية من خلالها وعن طريقها إنه اصطفاء للإمر المفرد في تاريخ البشرية وهو بلا جدال أمر عظيم.
- الوقفة الثانية: إن الإشارة إلى الطهر هنا إشارة ذات مغزى وذلك لملابسة مولد عيسى عليه السلام من شبهات لم يتورع اليهود أن يلصقوها بمريم الطاهرة معتمدين على أن هذا المولد لا مثال له في عالم الناس فيزعمون أن وراءه شرا لا يشرف قبحهم الله.
- الوقفة الثالثة: إن الرسول (ص) يحدث عن ربه بحقيقة مريم العظيمة وتفضيلها على نساء العالمين بهذا الإطلاق الذي يرفعها إلى أعلا الآفاق وهو في معرض مناظرة مع أهل الكتاب الذين يعتزون بمريم ويتخذون من تعظيمها مبرر العدم إيمانهم بمحمد (ص) وبالدين الجديد لدليل قاطع على مصدر هذا الدين وصدق صاحبه الأمين وأنه يتلقى الحق من ربه وحده الذي أنزل الكتب السابقة.
- الوقفة الرابعة: إن نقل أحداث السابقين والتي تعتبر غيباً عن الأجيال اللاحقة لا توجد بصدق ودقة كما وقعت إلا عبر القرآن الكريم أما نقل الأحداث التاريخية قبل مجيء الرسول (ص) من غير القرآن لا تسلم من التحريف والتخريف.
- الوقفة الخامسة: لقد تأهلت مريم بالطهر والقنوت والعبادة لتلقي هذا الفضل واستقبال هذا الحدث وها هي ذي تتلقى لأول مرة التبليغ عن طريق الملائكة بالأمر المفاجئ لها بحملها وولادتها بعيسى عليه السلام ومكانته ونبوته ورسالته ودوره في هذه الحياة فأما مريم الفتات الطاهرة العذراء المقيدة بمألوف البشر فقد ثقل عليها الموقف.
ما أرشدت أليه آيات الدرس الحادي عشر سورة آل عمران
- أولاً : ارشدت الآيات إلى تفضيل السيدة مريم عليها السلام على نساء العالمين أجمع على قول الزجاج وغيره وعلى عالمي زمانها في قول أكثر المفسرين، قال الرسول (ص) (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وأن فضل عائشة على النساء كفضل اكثريد على سائر الطعام) رواه مسلم والجماعة الا أبا داؤود، وقال الرسول (ص) (خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) رواه الترمذي وابن ماجه وفي رواية (سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة)، والمقصود بالكمال هنا الكمال البشري.
- ثانياً : أشارت الآيات على أن مريم كانت كثيرة العبادة والخشوع والركوع والسجود والدأب في العمل مما هيئاها المكانة والرفعة في الدارين.