وردت قصة نبي الله زكريا عليه السلام في سورة آل عمران وتحديداً في الآيات (38-41) وفيما يلي الدرس العاشر وتفسير الآيات وبيان مقاصدها
التفسير والبيان لآيات الدرس العاشر سورة آل عمران
- (مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ) أي بكلمة كائنة من الله يعني عيسى ابن مريم وسمي كلمة لأن الله تعالى خلقه بكلمة (كن) من غير توسط سبب فكان وكان تأثير الكلمة في حقه اظهر أو مصدقا بكتاب من الله والمراد به الإنجيل وإطلاق الكلمة عليه كما تقول العرب انشدني كلمة يريدون قصيدة، (وَحَصُورًا) وحصورا هو من لم يأت النساء وهو قادر على ذلك من الحصر وهو الحبس لحبسه نفسه عن شهواتها، (40) (أَنَّىَ يَكُونُ لِي) كيف أو من أين يكون، (عَاقِرٌ) عقيم لا تلد لكبر سنها من العقر وهو العقم، (41) (رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً) علامة تدلني على حصول الحمل لأبادر إلى شكر هذه النعمة والقيام بحقها، (أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ) تعجز عن تكليمهم بغير آفة، (إِلاَّ رَمْزًا) إيماء واشارة حيث حبس عن النطق من غير مرض، (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار) التسبيح الصلاة أو التنزيه له تعالى عما لا يليق به والعشي جمع عشية وهي من الزوال إلى الغروب والإبكار مصدر أبكر بمعنى بكر أُريد به الوقت الذي هو البكرة وهو من طلوع الفجر إلى الضحى.
الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه
(ذرأ) وردت على (4) أوجه:
- الوجه الأول: وردت بمعنى الولد قال تعالى (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) [آل عمران:38] (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ) (وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُون).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى الخلق قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ) (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ) (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى النسف قال تعالى (فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى النملة الصغيرة أو الذرة التي تتكون من السالب والموجب قال تعالى (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه) (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه).
وقفات مع آيات الدرس التاسع سورة آل عمران
- الوقفة الأولى: ينقسم الناس أمام الأحداث الغير عادية والتي تحدث خارج نطاق المألوف إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: مصدق ومعتقد بأن الله هو الذي أجرى الأحداث عبر سننه التي رسمها وله أن يخرق المألوف.
- القسم الثاني: متشكك من الأحداث الغير مألوفة.
- القسم الثالث: الذي يصوغ حول هذه الأحداث الغير مألوفة الخرافات والأساطير.
- الوقفة الثانية: إن زكريا نبي الله عندما رأى مريم النبتة الصالحة المرزوقة بدون سبب جاشت في نفسه الرغبة الفطرية العميقة في أن يكون له ولد يخلفه فيتوجه إلى ربه يناجيه ويطلب منه أن يهب له من لدنه ذرية طيبة فكانت الاستجابة من ربه والتي لا تتقيد بسنن ولا تتقيد بمألوف الناس لأنها تنطلق من المشيئة المطلقة التي تفعل ما تريد.
- الوقفة الثالثة: إن استجابة الدعوة جاءت بشارة تحملها الملائكة من الله لنبيه زكريا (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ….) تحمل صورة متكاملة عن المولود الجديد باسمه وصفاته ومكانته ودوره في الحياة.
- الوقفة الرابعة: إن استجابة دعوة زكريا جاءت مفاجئة للجميع حتى زكريا نفسه (قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) وجاء الجواب (قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء) ولشدة لهفته على تحقق البشرى ولدهشته المفاجئة في نفسه راح يطلب الى ربه أن يجعل له علامة يسكن إليها (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً) فرد الله عليه بالعلامة (قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا) ثم أمره بذكره كثيرا في العشي والإبكار.
الأحكام المستنبطة من آيات الدرس التاسع سورة آل عمران
- الحكم الأول: مشروعية الدعاء إلى الله بطلب الذرية وهي سنة المرسلين والصديقين قال تعالى (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ).
- الحكم الثاني: وجوب الاعتراف بالبشارة في الدنيا والآخرة سواء قولاً وفعلاً أو فعلا.
- الحكم الثالث: استحباب شكر الله عند مجيء النعمة.
قصة نذر امرأة عمران ما في بطنها