2025-03-11 9:24 ص
إدارة الموقع
2025-03-11 9:24 ص
تفسير سورة الأنعام

تفسير سورة الأنعام من الدرس الثاني عشر إلى الدرس الخامس عشر

تفسير وبيان آيات سورة الأنعام من الآية 54 حتى الآية 67 والتي قسمت إلى عدة دروس حسب المواضع والمواضيع التي تناولتها الآيات الكريمة وفيما يلي تجدون تفسير الآيات من الدرس الثاني عشر وحتى الدرس الخامس والعشرين.

الدرس الثاني عشر من سورة الأنعام

هذا الدرس تناول الآيات من (54-55) وبينت بعض أحوال رحمة الله وإبراز مكانة المؤمنين عند الله ورسوله

أهداف الدرس

إبراز مكانة المؤمنين عند الله ورسوله

 التفسير والبيان

  • (54) (مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ) وهو جاهل بمقدار ما يستحق عليه من العقاب وما يفوته من الثواب أو لإثارة اللذة العاجلة على الآجلة.

 الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه

(صلح) وردت على (8) أوجه:

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى إصلاح الخلل الذي وقع منه في سلوكه سابقاً قال تعالى (ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى الإيمان قال تعالى (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ) وقال تعالى (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى حسن المنزلة قال تعالى (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى الرفق قال تعالى (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِين).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى الإحسان قال تعالى (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى الطاعة قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ).
  7. الوجه السابع: وردت بمعنى البر بالوالدين قال تعالى (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ… إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا).
  8. الوجه الثامن: وردت بمعنى المصلحون الدعاة الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر قال تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون).

 وقفات مع آيات الدرس الثاني عشر من سورة الأنعام

  1. الوقفة الأولى: (وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا…) وهو التكريم بعد نعمة الإيمان واليسر في الحساب والرحمة في الجزاء حتى ليجعل الله سبحانه الرحمة كتاباً على نفسه للذين آمنوا بآياته ويأمر الرسول (ص) أن يبلغهم ما كتبه ربهم على نفسه وتشمل الرحمة العفو والمغفرة للذنوب كلها متى تابوا من بعد ذلك وأصلحوا.
  2. الوقفة الثانية: (أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ…) إن النص شاملً لكل سوء يعمله صاحبه متى تاب من بعده وأصلح إن التوبة من الذنب أي كان والإصلاح بعده مستوجبة للمغفرة بما كتب الله على نفسه من الرحمة.
  3. الوقفة الثالثة: إن هذه النصوص من قوله تعالى (وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ…) إلى قوله (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم) ترسم للبشرية اليوم ذلك الخط الصاعد بكل خطواته ومراحله من سفح الجاهلية الذي التقط الإسلام منه العرب إلى القمة السامقة التي بلغ بهم إليها وأطلقهم في الأرض يأخذون بيد البشرية من ذلك السفح نفسه إلى تلك القمة التي بلغوها.
  4. الوقفة الرابعة: ثم تتراجع البشرية عن القمة السامقة وتنحدر مرة أخر إلى سفح الجاهلية وتقوم مرة أخرى : في نيويورك وواشنطن وشيكاغوا وفي غيرها من أرض الحضارة المادية فتبرز تلك العصبيات النتنة عصبيات الجنس واللون وتقوم هنا وهناك عصبيات وطنية وقومية وطبقية لا تقل نتنه عن تلك العصبيات، ويبقى الإسلام شامخاً على القمة حيث ارتسم الخط الوضيء الذي بلغته البشرية بالإسلام وقيمه ويدعوا البشرية إلى النهوض إلى تلك القمة التي بلغتها بالإسلام سابقاً ويجعل القومية والوطنية في مكانها التي لا تعلو على الإسلام أو لا تكون بديلاً عنه.
  5. الوقفة الخامسة: (وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ…) بمثل هذا المنهاج وبمثل هذه الطريقة وبمثل هذا البيان والتفصيل نفصل الآيات التي لا تدع في هذا الحق ريبة ولا تدع في هذا الأمر غموضاً ولا تبقى معها حاجة لطلب الخوارق فالحق واضح والأمر بين بمثل ذلك المنهج الذي عرض السياق القرآني منه ذلك النموذج.
  6. الوقفة السادسة: (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين) ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة اسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين فسبيل المؤمنين هي سبيل الرسول (ص) ومن معه وأما سبيل المجرمين فتتمثل فيما يلي: وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين في أوطان كانت في يوم من الأيام دار للإسلام يسيطر عليها دين الله وتحكم بشريعته ثم إذا هذه الأرض وإذا هذه الأقوام تهجر الإسلام حقيقة وتعلنه اسماً وإذا هي تتنكر لمقومات الإسلام اعتقاداً وواقعاً وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقاداً.
  7. الوقفة السابعة: إن الإسلام شهادة الا إله إلا الله وشهادة أن محمد رسول الله، فشهادة الا إله إلا الله تتمثل في الإعتقاد بالله وحده هو الخالق وهو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كلها وهو الذي يتلق منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كلها وتقتضي شهادة أن محمد رسول الله هو اتباع منهجه دون محيد عنه.

الأحكام المستنبطة من الآيات

تدل الآيات على ما يلي:

  1. إكرام الله للمستضعفين الذي نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم طردهم فكان إذا رآهم بدأهم بالسلام.
  2. إمكان قبول التوبة من الله على عبادة الذين وقعوا في الذنوب ثم تابوا وأصلحوا العمل في المستقبل.
  3. سعة رحمة الله بعباده.
  4. القرآن الكريم فصلت فيه كل أحكام الدين.

الدرس الثالث عشر من سورة الأنعام

هذا الدرس تناول من الآية 56 وحتى الآية 58 وحسم الجدل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن المشركين  وإبراز عدم اجتماع الحق والباطل.

أهداف الدرس الثالث عشر من سورة الأنعام

إبراز عدم اجتماع الجق بالباطل

التفسير والبيان

  • (57) (مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ليس في مقدرتي إنزال العذاب الذي استعجلتموه بقولكم (فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء…) [الأنفال:32] وما الحكم في ذلك إلا لله وحده يتبع الحق والحكمة فيما يقّدره ويحكم به وهو خير من يفصل بين الحق والباطل والإستعجال: المطالبة بالشيء قبل وقته، (يَقُصُّ الْحَقَّ) من قص الأثر تتبعه، (خَيْرُ الْفَاصِلِين) بين الحق والباطل بحكمه وعدله.

الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(عبد) وردت على (3) أوجه:

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى الطاعة قال تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ…) وقال تعالى (أَهَؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُون) وقال تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى وحّد قال تعالى (اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) وقال تعالى (وَاعْبُدُواْ اللّهَ).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى العبد المملوك قال تعالى (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ…) وقال تعالى (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا…) وقال تعالى (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ).

 اسباب النزول

سبب نزول الآية (57) (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي…) قال الكلبي نزلت في النظر بن الحارث ورؤساء قريش كانوا يقولون يا محمد أئتنا بالعذاب الذي تعدنا به استهزاء منهم فنزلت الآية.

وقفات مع الآيات

  1. الوقفة الأولى: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ…) يأمر الله سبحانه رسوله (ص) أن يواجه المشركين بأنه منهي من ربه عن عبادة الذين يدعون من دون الله ويتخذونهم أنداداً لله ، ذلك لأنه منهي عن اتباع أهوائهم وهم إنما يدعون الذين يدعون من دون الله عن هوى لا عن علم ولا عن حق ، وإنه إن يتبع أهوائهم يضل ولا يهتدي فما تقوده أهوائهم وما تقودهم إلا إلى الضلال.
  2. الوقفة الثانية: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي…) وهو أمر من الله سبحانه لنبيه (ص) أن يجهر في مواجهة المشركين المكذبين بربهم بما يجده في نفسه من اليقين الواضح الراسخ والدليل الداخلي البين والإحساس الوجداني العميق بربه ووجوده ووحدانيته ووحيه إليه وهو الشعور الذي وجده الرسل من ربهم وعبروا عنه مثل هذا التعبير أو قريباً منه: قال نوح لقومه (قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُون) وقال صالح لقومه (قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِير) وقال ابراهيم لقومه (وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ…) وقال يعقوب لبنيه (فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون).
  3. الوقفة الثالثة: إن حقيقة الألوهية تتجلى في قلوب أوليائه ممن يتجلى الله لهم في قلوبهم فيجدونه سبحانه حاضراً فيها ويجدون هذه الحقيقة بينة في أعماقهم تسكب في قلوبهم اليقين بها، وهي الحقيقة التي يأمر الله نبيه أن يجهر بها في مواجهة المشركين المكذبين الذين يطلبون منه الخوارق لتصديق ما جاء به من حقيقة ربه الحقيقة التي يجدها هو كاملة واضحة عميقة في قلبه.
  4. الوقفة الرابعة: (قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ…) إن إيقاع العذاب بهم بعد مجيء الخارقة وتكذيبهم بها حكم وقضاء ولله وحده الحكم والقضاء فهو وحده الذي يقص الحق ويخبر به وهو وحده الذي يفصل في الأمر بين الداعي إلى الحق والمكذبين به وليس سواه.

 الأحكام المستنبطة من الآيات

  1. الحكم الأول: الإيمان على أن العبد لا يقدر على أمر من الأمور إلا إذا قضى الله به.
  2. الحكم الثاني: الإعتقاد بأن عقوبة الظالمين ومقدارها لا يعلم بها غير الله.

الدرس الرابع عشر من سورة الأنعام

وتناول هذا الدرس الآيات من (59-64) ووضح كمال علم الله وقهره العباد وبيان أن علم الله محيط بكل حركة وسكنة.

أهداف الدرس الرابع عشر من سورة الأنعام

بيان أن علم الله محيط بكل حركة وسكنة

التفسير والبيان

  1. (59) (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ) جمع مفتح وهو ألة الفتح وتسمى المفتاح أو جمع مَفِتح وهو الخزانة التي تحفظ بها الأشياء، (والغيب) ما استأثر الله بعلمه وعنده المفاتيح التي يفتح بها الغيب وهو مجاز عن علمه تعالى جميع المعلومات ما غاب عنا وما لم يغب لأن المفاتيح التي يتوصل إلى ما في الخزائن المستوثق منها بالإغلاق، فمن علم كيف يفتح بها ويتوصل إلى ما فيها فهو عالم، أو عنده خزائن الغيب والمراد بها القدرة الكاملة على كل الممكنات كما في قوله تعالى (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ) [الحجر:21] (إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين) إلا في علمه تعالى المحيط بجميع الأشياء إحاطة الكتاب بما فيه، أو إلا اللوح المحفوظ الذي خط فيه بقلم القدرة أزلاً ما كان وما سيكون وهو بدل من (إِلاَّ يَعْلَمُهَا) يدل على المعنى الأول واشتمال على المعنى الثاني.
  2. (60) (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ) يقبض أرواحكم إذا نمتم ليلاً، وأصل التوفي: أخذ الشيء وافياً، وهو كقوله تعالى (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) [الزمر:42] ، (وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ) ما كسبتم فيه بجوارحكم من الخير والشر، والإجتراح الإكتساب، وتخصيص التوفي بالليل والجرح بالنهار باعتبار الغالب وإلا فقد يعكس الأمر.
  3. (61) (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) وقد تقدم تفسيرها في (18) من هذه السورة.

الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه

(نَجَوَ) وردت على (4) أوجه:

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى الخلاص قال تعالى (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ…) وقال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى السلامة من الهلاك قال تعالى (وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِين) وقال تعالى (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِين) وقال تعالى (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا…).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى الإلقاء في ناحية اليم قال تعالى (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ…).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى سبب النجاة وهو توحيد الله قال تعالى (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ…).

وقفات مع الآيات

  1. الوقفة الأولى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ…) إنها صورة لعلم الله الشامل المحيط الذي لا يند عنه شيء في الزمان ولا في المكان في الأرض ولا في السماء في البر ولا في البحر، في جوف الأرض ولا في طباق الجو من حي وميت ويابس ورطب.
  2. الوقفة الثانية: إن الخيال البشري لينطلق وراء النص القصير يرتاد آفاق المعلوم والمجهول وعالم الغيب وعالم الشهود وهو يتبع ظلال علم الله في أرجاء الكون الفسيح ووراء حدود هذا الكون المشهود، إن الوجدان ليرتعش وهو يستقبل الصور والمشاهد من كل فج وواد وهو يرتاد أو يحاول أن يرتاد استار الغيوب المختومة في الماضي والحاضر والمستقبل البعيد الآماد والآفاق والأغور… مفاتحها كلها عند الله لا يعلمها إلا هو ويجول في مجاهيل البر وفي غياب البحار المكشوفة كلها لعلم الله، ويتبع الأوراق الساقطة من اشجار الأرض لا يحصيها عداً، وعين الله على كل ورقة تسقط هنا أو هناك ويلحظ كل حبة مخبؤه في ظلمات الأرض لا تغيب عن عين الله ويرقب كل رطب ويابس في هذا الكون العريض لا يند منه شيء عن علم الله المحيط.
  3. الوقفة الثالثة: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ…) ففي الوفات أذاً حين يأخذهم هي الوفات في صورة من صورها بما يعتري الحواس من غفلة وما يعتري الحس من سهوة وما يعتري العقل من سكون وما يعتري الوعي من سبات، وهو السر الذي لا يعلم البشر كيف يحدث، وإن عرفوا ظواهره وآثاره وهو الغيب في صورة من صوره الكثيرة المحيطة بالإنسان. وهؤلاء البشر مجردين من كل حول وطول، ها هم أولاً في سبات وانقطاع من الحياة ها هم أولائي في قبضة الله كما هم دائماً في الحقيقة لا يردهم إلا الصحو والحياة الكاملة إلى إرادة الله فما أضعف البشر في قبضة الله.
  4. الوقفة الرابعة: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ…) فهو صاحب السلطان القاهر وهم تحت سيطرته وقهره، هم ضعاف في قبضة هذا السلطان لا قوة لهم ولا ناصر، هم عباد والقهر فوقهم وهم خاضعين له مقهورين وهذه هي العبودية المطلقة للألوهية القاهرة فهو وحده يحكم وهو وحده يحاسب.
  5. الوقفة الخامسة: (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ…) إن تصور الخطر وتذكر الهول قد يردان النفوس الجامحة ويرقرقان القلوب الغليظة ويذكر أن النفس في لحظات الضعف والإنابة كما يذكر أنها رحمة الفرح والنجاة وفي حالة الشدة يلتجؤون إلى الله (لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِين) فيرد الله عليهم (قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُون).

 الأحكام المستنبطة من الآيات

دلت الآيات على ما يلي:

  1. الله تعالى عالم الغيب والشهادة كلاً وجزئاً.
  2. الإشارة للكتاب المبين أي اللوح المحفوظ لتعتبر الملائكة بذلك.
  3. الله المتصرف في كل شئون الإنسان.

الدرس الخامس عشر من سورة الأنعام

(الآية 65 وحتى الآية 67) القدرة الإلهية على تعذيب العصاة وإبراز قدرة الله الشاملة لجانبي الرحمة والفضل والعذاب والعقاب. 

أهداف الدرس الخامس عشر من سورة الأنعام

يهدف هذا الدرس إلى إبراز قدرة الله الشاملة لجانبي الرحمة والفضل والعقاب.

التفسير والبيان

  1. (65) (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) يخلطكم فرقاً مختلفة الأهواء، كل فرقة تتبع إماماً تختصمون وتشتبكون في ملا حم القتال (شيعاً جمع شيعة: وهم الأتباع والأنصار وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة) (وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ) يسلط عليكم بعضكم على بعض بالعذاب والقتل والباس: الشدة وهذا ما ابتلي به الناس في سائر العصور (نُصَرِّفُ الآيَاتِ) نكررها بأساليب مختلفة.
  2. (66) (بِوَكِيل) بحفيظ أوكل إلى أمركم فأجازيكم.

الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه

(كذب) وردت على (6) أوجه

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى التكذيب بالحق قال تعالى (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ) وقال تعالى (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ) وقال تعالى (فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا…).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى النفاق قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى الكذب على الله قال تعالى (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى القذف قال تعالى (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى تأكيد اليقين قال تعالى (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَة).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى اللبس قال تعالى (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى).

اسباب النزول

سبب نزول الآية (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ…) روى أحمد والترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال سئل رسول الله (ص) عن هذه الآية (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ…) فقال (أما إنها كائنة ولم يأتي تأويلها بعد).

وقفات مع الآيات

  1. الوقفة الأولى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ…) وتصور العذاب الغامر من فوق أو النابع من تحت اشد وقعاً في النفس من تصوره آتياً عن يمين وشمال فالوهم قد يخيل للإنسان أنه قد يقدر على دفع العذاب من يمين أو شمال أما العذاب الذي يصب عليه من فوق أو يأخذه من تحت فهو عذاب غامر قاهر مزلزل لا مقاومة له ولا ثبات معه والتعبير الموحي يتضمن هذا المؤثر القوي في حس الإنسان ووهمه وهو يقرر حقيقة قدرة الله على أخذ العباد بالعذاب من حيث شاء وكيف شاء.
  2. الوقفة الثانية: إن الفتنة الكبرى في الأرض هي أن يقوم من بين العباد من يدّعي حق الألوهية عليهم ثم يزاول هذا الحق فعلاً إنها الفتنة التي تجعل الناس شيعاً ملتبسة، لأنهم من ناحية المظهر يبدون أمة واحدة أو مجتمعاً واحداً ولكن من ناحية الحقيقة يكون بعضهم عبيد لبعض ويكون بعضهم في يده السلطة التي يبطش لأنها غير مقيدة بشريعة من الله ويكون بعضهم في نفسه الحقد والتربص ويذوق الذين يتربصون والذين يبطشون بعضهم بأس بعض وهم شيع ولكنها ليست متميزة ولا منفصلة.
  3. الوقفة الثالثة: (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ…) والخطاب للرسول (ص) يعطيه ويعطي المؤمنين من ورائه الثقة التي تملأ القلب بالطمأنينة ، الثقة بالحق مع وجود التكذيب من المكذبين وكذب به قومك وأصروا على التكذيب فماهم بالحكم في هذا الأمر إنما كلمة الفصل فيه لله سبحانه وهو يقرر أنه الحق ولا قيمة ولا وزن لتكذيب القوم.

الأحكام المستنبطة من الآيات

  • الحكم الأول: الإيمان بأن مصير الذين كذبوا بالقرآن العذاب في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة معاً.
  • الحكم الثاني: الإعتقاد بأن هذا العذاب ليس للكفار فقط وإنما قد يصيب المسلمين إذا تخلوا عن قرآنهم لأن التخلي عنه قريب من التكذيب به.

اقرأ أيضا .. تفسير سورة الأنعام من الدرس السادس عشر حتى الخامس والعشرون

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى