2025-02-04 4:49 ص
إدارة الموقع
2025-02-04 4:49 ص
هدى للمتقيندروس من القرآن الكريم

الإعجاز العلمي في آية “وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ”

الإعجاز هو أمر خارق لما توصل إليه العلم من النتائج والمعلومات، وهو مقرون بالتحدي، والمعجزة هي أمر يمكن أن يتفهمه الإنسان لكنه يعجز على أن يقوم بمثله مهما حاول، ومهما بلغ مرتبة عليا في العلم والمعرفة، ومهما أحرز من تقدم تكنولوجي، لأن المعجزات هي أمور ليس بمقدور العباد أن يقوموا بها.

المعجزات هي علامات إلاهية تدل على وجود الله عز وجل وهي إشارة تؤكد رسالات الانبياء، وهي أمور تدل على خصائص الربوبية لله عز وجل، لأن البشر عجزوا عن الإتيان بمثلها.

يقف الإنسان أمام إعجاز الله عز وجل ومعجزاته حائرًا  لأن تفسير هذه المعجزات احيانًا يكون أكبر من تصور عقل الإنسان المحدود، وأبعد من آفاقه، لكن معجزات الله وإعجازه في القرآن هي أمور تحرض وتحث الناس على تدبر القرآن والتفكر بمعانيه والعمل به، قال تعالى: ” لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ عَلَىٰ جَبَلٍۢ لَّرَأَيْتَهُۥ خَٰشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ ۚ وَتِلْكَ ٱلْأَمْثَٰلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ” .

الإعجاز القرآني في النظريات العلمية

اشتمل القرآن على العديد من النظريات العلمية التي لم يتم كشفها حتى الآونة الاخيرة من قبل علماء متخصصين في أوروبا وأمريكا، وهذه الآيات دليل راسخ على أن الله عز وجل هو خالق هذا الكون وهو المطلع على خفاياه، وأنه مهما بلغ الإنسان من علم ومعرفة، فإنه لا يزال جاهلًا أمام عظمة الله عز وجل، حيث اكتشف العلماء فيما بعد الكائنات في حركة دائمة، والقرآن يقول:  وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ، واكتشفوا فيما بعد ان الارض منفتقة من النظام الشمسي والقرآن يقول: ” أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَٰهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ” .

والأمثلة لا تنتهي على الإعجاز العلمي في توازن الأرض، وتلاقح النبات عن طريق الرياح ، وإمساك الظل بواسطة التصوير الشمسي، وتسيير السفن عن طريق البخار والكهرباء، والكثير من الايات الاخرى التي سوف ندرك معناها وندرك الإعجاز العلمي منها.

تفسير قوله تعالى ” وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ”

قال تعالى: ” وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَسْقَيْنَٰكُمُوهُ وَمَآ أَنتُمْ لَهُۥ بِخَٰزِنِينَ

تفسير كلمة لواقح اللغوي هو أن لواقح جمع لاقح، اي حاملة للسحاب والخير وضدها هو الريح العقيم، وهناك تفسير آخر وهو أن لواقح هي جمع ملقحة، والصواب هو الأمرين، لأن الرياح تلقح بمرورها على الشجر والماء والتراب، فهي لاقحة لنفسها ولغيرها، وهي تقوم بإلقاح الشجر.

أما تفسير الآية العلمي هو أن الرياح لواقح للشجر والسحاب وهي كما قال الإمام الطبري حاملة للسحاب والخير، وفي علم النبات ادرك الخبراء ان التلقيح هو عملية اساسية من اجل الإخصاب وتكوين البذور، حيث تنتقل حبوب اللقاح من الاعضاء التكاثرية الذكرية للزهرة (المئبر) إلى الأعضاء الانثوية في الزهرة (الميسم)، ويتم بذلك الإخصاب، وعندما يتم التلقيح بين العناصر الذكرية والانثوية في الزهرة الواحدة يسمى التلقيح بالتلقيح الذاتي، اما عندما يكون بين زهرتين مختلفتين، يسمى عندها بالتلقيح المختلط.

تتم طرائق التقليح بأساليب مختلفة باختلاف نوع النبات، وهناك طرق للتلقيح غير الطرق التي يقوم الإنسان بها للتأكد من تلقيح الزهرة وهي:

  • التقليح عن طريق المياه
  • التلقيح عن طريق الرياح
  • التلقيح عن طريق الحيوانات: مثل الحشرات، والطيور

الرياح لها دور كبير في عمليات نقل حبوب اللقاح في النباتات التي ليس لديها ازهار ذات رائحة ورحيق والوان بإمكانها أن تجذب الحشرات، فتقوم الرياح عندها بنقل حبوب اللقاح لمسافات واسعة، مثال على ذلك هو نقل الرياح للقاح الصنوبر لمسافة يمكن أن تصل إلى 800 كيلومتر قبل أن تصل الرياح للعناصر الانثوية ويحدث عندها القاح.

النباتات التي تعتمد على التلقيح بواسطة الرياح متعددة ونذكر منها: الصنوبريات، والحور والسنديان، والبندق، والقراص والقنب، وقد أكدت المراجع العالمية أن الرياح تسهل نشر حبوب اللقاح، لأن العناصر الذكرية التي تنتج حبوب اللقاح تكون معرضة للرياح والهواء، أو لأن حبوب اللقاح متواجدة في أعلى الشجرة أو النبتة.

هذه الحقائق العلمية قد صدرت في القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو نبي أُمي، وليس بعالم نبات لديه دراسات حول النباتات، وهذه الحقيقة وحدها كافية كي يتدبر الإنسان في الآيات والقرآن الكريم ويتعظ من آيات الله، ويعبد الله وحده.

الإعجاز العلمي في هذه الآية

وجه الإعجاز العلمي هو أن الله عز وجل قد كشف على أن الرياح تقوم بعملية التلقيح الريحي للنباتات، وهو أمر كشف عنه علماء النباتات في القرون الآخيرة، وقد اظهرت المراجع أن التلقيح الريحي هو خاصية للنباتات التي تحوي أزهار غير مميزة ولا تحتوي على ألوان أو رحيق يشكل عامل جذب للحشرات، لذلك تحمل الرياح اللقاح الجاف الخفيف الوزن وتنقله عبر مسافات واسعة لتصل إلى العنصر الانثوي.

ذكر الرياح بغير مواضع في القرآن الكريم

وردت الرياح أو ريح في القرآن الكريم أربعة عشرة مرة في أربعة عشرة سورة في القرآن الكريم، وتم ذكر الرياح إما كبشرى للعباد والمطر والخير من الله عز وجل ومنها ما هو دمار للقوم الذين تكبروا في الارض وعثوا في الارض فسادًا، وللرياح دور كبير في إنشاء السحب، وتكوينها، ورفع السحب بعضها فوق بعض كي تصل للطبقات العليا، وتفريق الشحنات الكهربائية

قال تعالى: ” ٱللَّهُ ٱلَّذِى يُرْسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُۥ فِى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُۥ كِسَفًا فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَٰلِهِۦ ۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ “. سورة الروم، وهو بذلك قد سبق الابحاث العلمية الحديثة التي اقرت مؤخرًا بدور الرياح ، وهذا الامر يؤكد على إعجاز الله في القرآن الكريم

ومن وظائف الرياح كما ذكرات المراجع التعليمية الحديثة ما يلي:

  • إثارة وجه المياه من اجل تشكيل رذاذ المياه فوق اعراف الامواج
  • حمل السحاب بعد ان يتشكل، ورفع السحاب على الرغم من ثقله، وهو يتضمن بخار الماء ونقله إلى الطبقات العليا من الجو
  • سوق السحب وتراكمها فوق بعضها البعض والجري بالسحاب
  • توزيع الغيوم المطيرة على مناطق الارض المختلفة

وقد قسم الله وظائف الرياح كما تكون بالترتيب في سورة الذاريات عندما قال: ” وَٱلذَّٰرِيَٰتِ ذَرۡوٗا (1) فَٱلۡحَٰمِلَٰتِ وِقۡرٗا (2) فَٱلۡجَٰرِيَٰتِ يُسۡرٗا (3) فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا (4)” ، حيث اقسم الله بالرياح التي تثير الغبار ثم الرياح التي تحمل السحب المشبعة ببخار الماء إلى الطبقات العليا من الجو بالتيارات الرأسية ثم بالرياح التي تجري بالسحب والغيوم بلين ويسر، واخيرًا الرياح التي توزع الغيوم المطيرة على مناطق الارض المختلفة، فإما يكون فيها رحمة او عذاب، وقد تطابقت آيات الله وتسلسل مراحل تشكل الرياح مع ما توصلت إليه العلوم الحديثة بعد اربعة عشر قرنًا.

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى