2025-02-04 10:54 ص
إدارة الموقع
2025-02-04 10:54 ص
هدى للمتقيندروس من القرآن الكريم

منهج تلاوة الآيات القرآنية

التلاوة قراءة القرآن وتجويده وترتيله بتفكر وتدبر، لاتباع أوامره والاهتداء بهديه، والابتعاد عن مناهيه ومحظوراته، وتعني أيضاً القراءة بشرط أن يعقل المرء ما يقرأ و تلاوة الآيات القرآنية تأتي بمعنى اتباعه، قال الله تعالى في سورة الشمس:  وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا تلاوة الآيات وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا تلاوة الآيات .

أولا: معنى الآية

قبل أن نتطرق لموضوع منهج تلاوة الآيات القرآنية نبدأ بتعريف الآية والتي لها عدد من التعريفات أهمها مايلي:

  1. الآية بمعنى المعجزة، قال تعالى{وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُون}[البقرة:118]، وعن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما) رواه البخاري.
  2. الآية بمعني العلامة، قال تعالى {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا}[مريم:10] عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض اﻷنصار) رواه البخاري
  3. الآية بمعنى البرهان او الدليل على قدرة الله، قال تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُون}[يس:33]+ (٣٧) + (٤١)، وعن المغيرة ابن الشعبة قال كسفه الشمس على عهد رسول صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم فقال رسول الله عليه وسلم إن الشمس والقمر [آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته فاذا رأيتموهما فصلوا وادعوا الله حتى ينجلي) صحيح البخاري
  4. الآية بمعنى العبرة، قال تعالى{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَار}[آل عمران:13]
  5. الأية بمعنى آيات القرآن، قال تعالى {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُون}[النحل:101] + سورة الطلاق الآية (١١)، وعن عقبه بن عامر قال قال رسول صلى الله عليه وسلم (أنزل علي آيات لم ينزل علي مثلهن قل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق) صحيح مسلم 

ثانيا: منهج تلاوة اﻵيات له ثلاث مصادر:

  1. المصدر الاول : مراحل النشأة والحياة والمصير.
  2. المصدر الثاني : ظواهر الاجتماع البشري والسنن والقوانين التي توجه هذا الاجتماع.
  3. المصدر الثالث : ما يتوصل إليه الناس من شهود للقوانين التي تنظم الكون القائم وما ينتج من تطبيقات هذه القوانين في ميدان العلم والتكنولوجيا.

ثالثا: أهمية منهج تلاوة الآيات

يتمثل في ثلاثة مظاهر وهي كالتالي:

  1. المظهر الاول: أن المنهج المذكور يقدم للمتعلم المسلم الأصول المعرفية الصائبة التي توجه متطلبات المعرفة مطلقات المعرفة ومساراتها وتطليقاتها.
  2. المظهر الثاني: يقدم للمتعلم المسلم خريطة معرفية شاملة للزمان والمكان.
  3. المظهر الثالث: أن هذه الآيات ترشد إلى كيفية الانتفاع بثمرات المعرفة انتفاعاً عقليا ونفسيا وجسديا، فردي وجماعي، ولكي يتم الانتفاع بهذه المظاهر لابد من شرطين هما:
    • أحكام التعامل بين العقل والحواس
    • الذي يقوم بهذه الأحكام هم أذكى الناس

رابعاً: أهداف منهج تلاوة اﻵيات

  1. تكوين تصور إسلامي ينطلق في فهم الوجود وكيفية التعامل معه.
  2. تنمية الفكر على اكتشاف ميادين المعرفة الجديدة الحقيقية.
  3. تنمية القدرة على تحليل نتائج البحث العلمي والنظر التجريبي في فروع العلوم.
  4. تنميه التواضع للحق دون استكبار أو نفور.

خامسا: أهمية التكامل بين آيات الكتاب وآيات اﻵفاق واﻷنفس

تتمثل أهمية التكامل في ما يلي:

  1. دتوقظ آيات الكتاب عقل المتعلم للبحث المتجدد.
  2. تصون آيات الكتاب عقل المتعلم من اﻹنحراف إلى أوهام الخرافة وتربطه بحقائق ملموسة.
  3. توفر آيات الكتاب أهداف الحياة وغاياتها بما يوجه إلى اكتشاف الوسائل المناسبة للانتفاع من آيات اﻵنفاق واﻷنفس.
  4. توجه آيات اﻵفاق واﻷنفس إلى عمق التفسير القراني وتأويله بدل الاقتصار على التفاسير المكتوبة قديما.
  5. يوفر التكامل بين النوعين من اﻵيات والشواهد و البراهين العلمية والاجتماعية التي تبرز صدق آيات الكتاب.

سادسا: الفرق بين العقل والذكاء

  1. العقل: هو القدرة على التنبؤ بما وراء اﻷعمال الظاهرة والتحقق من جوهر الحقائق والوقائع المحيطة.
  2. الذكاء: هو الربط بين اﻷشياء لتحقيق هدف عملي مباشر يساعد على استمرار الحياة ولكنه لا يستطيع التنبؤ لنتائج ستأتي بعد ذلك.

سابعا: أساليب اﻷنشطة في منهاج تلاوة اﻵيات

  1. اﻷسلوب اﻷول: دراسة علوم القرآن.
  2. الأسلوب الثاني: معرفه وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم نحو القرآن، قال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل 44، وتتمثل فيما يلي:
    • تفصيل ما أجمل في الكتاب
    • تقييد ما أطلقه الكتاب
    • تخصص ما ورد فيه من ألفاظ العموم وتبيين المراد منه في جميع اﻷحوال
    • تنشىء السنة النبوية أحكام لم يعرض لها القرآن بنفي ولا إثبات وإن وردت فيه جميع أصولها اﻷولى مصداقا لقوله تعالى: ( … مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ…) وقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
  3. الأسلوب الثالث: تحقيق التكامل بين آيات الكتاب والأحداث الجارية المتعلقة بحياة الإنسان (أفرادا وجماعات)
  4. الأسلوب الرابع: التكامل بن آيات الكتاب وآيات الآفاق والأنفس وهذا يخضع للتجارب.

القرآن يعرض تجارب

قصة العزيز وقصة إبراهيم عندما طلب من ربه معرفة كيف يحي الموتى قال سبحانه وتعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[البقرة:259]

تجربة إبراهيم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِين}[الأنعام:75]

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس الخبرُ كالمعايَنَةِ ، إِنَّ اللهَ تعالى أخبرَ موسى بما صنع قومُهُ في العجلِ ، فلَمْ يُلْقِ الألواحَ ، فلما عايَنَ ما صنعوا ، ألْقَى الألْوَاح فانكسَرَتْ) أخرجه أحمد (2447) واللفظ له، وابن حبان (6213)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (25) باختلاف يسير

ثامنا: التقويم في مناهج قراءة القرآن

هو التحقق من حصول العلاج. والعلاج معناه الظفر في بالمطلوب والنضج العقلي شرط في العلاج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قد أفلح من أسلَم و رُزِقَ كفافًا ، و قَنَّعَه اللهُ بما آتاه) أخرجه مسلم

أقسام العلاج مادي ومعنوي

  1. العلاج المادي: وهو الانتفاع الحسي في عالم الواقع في الزراعة والصناعة..
  2. العلاج المعنوي: وهو الوصول إلى درجة اليقين.
    • تعريف اليقين: هو قناعة ورضا نتيجة التطابق بين خبر الوحي في آيات الكتاب وبين برهانه أو معجزاته التي تكتشف في الآفاق واﻷنفس.
    • تجسيد اليقين في عالم الواقع تطبيقات الفهم واﻷخلاق الفاضلة والثقافة الراقية وذكر اليقين في القرآن الكريم في (٢٨) موضعا، قال تعالى {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِين}[الذاريات:20]
    • درجات اليقين في القرآن الكريم:
      • علم اليقين: أي ما علمه اﻹنسان بالسمع والخبر والنظر والقياس.
      • عين اليقين: ما شاهده اﻹنسان وعاينه البصر.
      • حق اليقين: أي ما باشره وذوقه وعرفه بالاعتبار.

تاسعا: الانشقاق بين آيات الكتاب و آيات الآفاق واﻷنفس

سنتحدث في هذه الفقرة عن الانشقاق بين آيات الكتاب وآيات الآفاق في مؤسسات التربية اﻹسلامية التقليدية ومؤسسة التربية الحديثة في اﻷقطار اﻹسلامية.

  1. الآثار الخطيرة والسلبية لهذا اﻹنشقاق هو الاقتصار على تدريس آيات اﻷحكام في معزل عن آيات الله في الآفاق واﻷنفس.
  2. برز فيه الإعجاز اللغوي فقط وعزل عنه اﻹعجاز العلمي.
  3. أقيمت فواصل عقلية ونفسية بين المظهر الشعائري للعبادة وبين المظهر الاجتماعي (لا سياسة في الدين ولادين في السياسة).
  4. إفراز العصبية الدينية بدل اﻹيمان اليقيني، والفرق بين اﻹيمان اليقيني والعصبية الدينية مايلي:
    • يقوم اﻹيمان اليقيني على البراهين والشواهد التي تقدمها الآفاق واﻷنفس بتوجيه آيات الآفاق، العصبية الدينية فهي العصبية القبلية حمية وتناصر انفعالي أو تصارع عاطفي يقومان على وراثة الكتاب وتقليد فهم الأباء دون شواهد ولا براهين.
    • اﻹيمان اليقيني يفرز التركيز على العلم والعمل، أما العصبية الدينية فتفرز التركيز على التقليد والأشكال.
    • اﻹيمان اليقيني يفرز الطمأنينة والشجاعة امام اﻷقوياء والشفقة والتواضع مع الضعفاء ويوجه للانشغال بمشكلات الحاضر وتحديث المستقبل، أما العصبية الدينية فتفرز التوتر والجبن أمام اﻷقوياء والانشغال بتصيد أخطاء الضحايا والضعفاء وافتعال معارك الفخر والهجاء حول اﻷسلاف ومنجزات الماضي.
    • اﻹيمان اليقيني يبرز روح الدين ورسالته اﻹصلاحية بين الناس كلهم أما العصبية الدينية فتفرز تدينا مصنوعا انتهازيا يناصر البغي ويرفع مصحف صفين ويفتعل المعارك مع المخلصين.
    • اﻹيمان اليقيني يرتقي بالفكر ويعمق الثقة بالنفس ويدفع للتفاعل مع اﻵخرين والانفتاح على خبراتهم أيا كانت، أما العصبية الدينية فتفرز الجمود والإنغلاق وتشييع الريبة والشك وتنشر التقليد واﻷمية الفكرية.
    • اﻹيمان اليقيني يقود إلى الصواب واﻹخلاص والحكمة، أما العصبية الدينية فتفرز الحماقة وتنتهي بأصحابها إلى الخطأ والفشل.
    • اﻹيمان اليقيني يدفع المؤمن للمرابطة على ثغور المعرفة بغية توسيع دار العلم اﻹسلامي، أما العصبية الدينية فتغلق باب الاجتهاد وترتد إلى تراث الماضي لتقيم نصبا وتماثيل شعرية وتمائم مديح تملأ الملخصات.
  5. أن الانشقاق بين آيات الكتاب والآفاق واﻷنفس أدى إلى تأويل آيات الكتاب تأويلا أسطوريا من خلال اللجوء إلى الإسرائيليات.

التربية الحديثة تفتقر إلى مناهج تربوية تجمع بين النظر في آيات الكتاب وآيات اﻵفاق واﻷنفس.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى