الربط بين الماضي والحاضر واستشراف المستقبل
إن أهمية الربط بين الماضي والحاضر واستشراف المستقبل أمر مهم، حيث يمتعض الكثير من الشباب المسلم من واقعه الذي أصبح لا يطاق، يتطابق لديه النهار بالليل، اليوم بالأمس، والعام الحالي بالماضي وربما القادم، يجد نفسه بين واقع سياسي مزري، واقتصادي مفلس، واجتماعي مخرب ويتمنى أن يستيقظ ويقول “الحمد لله أنني أحلم”.
لا يا إخواني، إنه الواقع المر، الذي وجدناه ولم نختره، ولا يجب علينا أن نكرر نفس أخطاء الماضي القريب والبعيد، فلنا في تاريخنا أمجاد وبطولات ومثلها من النكبات والهزائم والكربات، فيتحتم علينا أن نراجع أنفسنا على جميع الأصعدة والمستويات، ونمر من مرحلة التباكي وسط الفيافي إلى مرحلة الاستيقاظ والاستعداد، فلا يعقل أن تكون أمتنا بالملايير ولا نجد فيها قائدا يدعو لتوحيد صفوفنا. أوعقى حميد
الربط بين الماضي والحاضر واستشراف المستقبل
أولا سوف نعرفكم لكم الماضي والحاضر والمستقبل وهم كالتالي:
- الماضي: عمل نفذ وعرفت نهايته بإيجابياته وسلبياته.
- الحاضر: عمل لم تنتهي فصوله بعد.
- المستقبل: تنبؤ لم يجرب بعد.
تاريخ الأمم السابقة
ينقسم التاريخ في نظرنا كمسلمين إلى قسمين:
- التاريخ الإسلامي: ومراحله خمس وتشمل مايلي:
- المرحلة الاولى: من أول الهجرة النبوية وحتى سنة 90 هجرية.
- المرحلة الثانية: من سنة 91 – 200 هجرية إلى نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية.
- المرحلة الثالثة: من سنة 201 هجرية – 600 هجرية إلى نهاية الدولة العباسية.
- المرحلة الرابعة: من سنة 601 هجرية إلى سنة 1350 هجرية عهد العثمانيين.
- المرحلة الخامسة: من سنة 1350 هجرية وحتى الآن وهي عهد العلمانية والاستعمار الغربي ثم عهد اليقظة والتحرر
الحياة الإسلامية التي تعتبر نموذجا للحياة السعيدة في الدنيا والآخرة قال تعالى( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) العنكبوت (٢٧) وقال تعالى ( وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة ( ٢٠١)
المرحلة الأولى من 1-90 هجرية:
تنقسم هذه المرحلة إلى ثلاثة أقسام :
- القسم الأول عصر الرسول صلى الله عليه وسلم من 1- إلى 10 هجرية: والحياة الإسلامية في هذا العصر تعتبر النموذج الأول لحياة الأمة الإسلامية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة الأول، قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب (21)،
- ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قوله وفعله وإقراره تشريع ملزم للناس في القضايا التالية:
- المتعلقة بتبليغ الرسالة.
- المتعلقة بالبيان.
- المتعلقة بالقضاء.
- المتعلقة بالامامة.
- وغير تشريعية وهي غير ملزمه لناس وهي متعلقة بالقضايا التالية:
- الجبلية.
- المتعلقة بالعادات.
- الدنيوية.
- الإرشادية.
- الخاصة به صلى الله عليه وسلم، صبغت حياة الناس بالصبغة الإسلامية ويشترط لأخذ القدوة الحسنة في الحياة الإسلامية في هذا العصر صحة النقل
- ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قوله وفعله وإقراره تشريع ملزم للناس في القضايا التالية:
- القسم الثاني من المرحلة الأولى هو عصر الراشدين من سنة 11 – 23 هجرية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم والحياة الإسلامية في هذا العصر تعتبر النموذج الثاني للحياة الإسلامية قال الرسول صلى الله عليه وسلم( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضّوا عليها بالنواجذ) رواه الترمذي وإسناده صحيح، ويشترط لأخذ القدوة في حياة في هذه الفترة صحة النقل والموافقة للكتاب والسنة يقول الإمام مالك: ( كلا يؤخذ من كلامه ويترك الا صاحب هذا القبر وأشار إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم .
- القسم الثالث من المرحلة الأولى من سنة 33 – 90 هجرية، وهو عصر الصحابة بعد الراشدين والحياة الإسلامية في هذا العصر تعتبر النموذج الثالث للحياة الإسلامية ويشترط لأخذ القدوة في هذا العصر:
- الموافقة للكتاب والسنة الصحيحة
- الموافقة لما أجمع عليه الراشدون.
- صحة النقل
- تجنب الأخطاء التي وقعت في اواخر خلافة عثمان وفي غلافة على بن ابي طالب الأمثلة : الاقتتال الذي حدث في وقعة الجمل وفي وقعة صفين وتغيير الولاة الأقاليم دون دراسة متعمقة
- المرحلة الثانية وهي عصر التابعين 91 – 200 هجرية والحياة الإسلامية في هذا العصر تعتبر النموذج الرابع للحياة الإسلامية، ولأخذ القدوة الحسنة في هذا العصر.
- الموافقة للكتاب والسنة الصحيحة.
- الموافقة لما أجمع عليه الصحابة.
- صحة النقل.
- تجنب الأخطاء التي وقعت فيها الدولة الأموية والتي كانت مايلي:
- الثورة المضادة التي وقعت على حركة عمر ابن عبدالعزيز الإصلاحية.
- الظلم الذي وقع من الحكام على المواطنين.
- الترف والانغماس في الشهوات.
- تعطيل الشورى.
- نظام ولاية العهد.
- الثورات ضد النظام الاموي.
- العصبية.
- الموالي.
- فشل الأميين في إيجاد تيار حضاري.
- النزاع الداخلي بين الأسرة الحاكمة.
- فشل الأمويين في تكوين جيش نظامي مرتبط بالدولة وموالي لها ومدافع عن شرعيتها.
- فشل مروان بن محمد بإنقاذ الدولة الأموية.
- الدعوة العباسية.
- المرحلة الثالثة وهي عصر تابعي التابعين من 201- 600 هجرية، وهذا المجتمع في هذا العصر ويعتبر النموذج الخامس للحياة الإسلامية، ويشترط لأخذ القدوة في هذا العصر ما اشترط في في المرحلة الثانية تجنب الأخطاء التي حدثت في هذه المرحلة من الدولة العباسية:
- تولي زمام الأمور قادة من غير العرب أيام المعتصم.
- نقمة القادة من الفرس بسبب استبعادهم من مناصبهم من قبل المعتصم.
- تردي الأوضاع الإقتصادية.
- ظهور الدويلات والمماليك، الأدارسة في المغرب العربي، والدولة الفاطمية في مصر والحجاز واليمن.
- تعدد المذاهب والديانات الأمثلة الديانات المجوسية والمانوية والمزدكية.
- المرحلة الرابعة من سنة 601 – 1350 هجرية وهذه المرحلة هي مرحلة تراجع المسلمين النماذج نماذج فردية فيها فقط
- المرحلة الخامسة من سنة 1350 – وحتى الآن، وهذه المرحلة بدأت بذور الحركات الإسلامية لتصنع المجتمع الإسلامي المصغر في أوسطها وبدأ النموذج الجماعي الدعوي يبرز من جديد ليتوسع ويشمل المجتمع كله بإذن الله تعالى.
الضوابط والمواجهات المطلوبة عندما نقدم النماذج للحياة الإسلامية
- عندما نأخذ من الماضي لا نعتبر التاريخ دين ولا نبالغ في وصف الإيجابيات مغفلين السلبيات وكأن الماضي مجتمع ملائكة ليس فيه أخطاء وفي المقابل نضخم السلبيات في الحاضر ونقلل الإيجابيات وكأننا في مجتمع شياطين لأن هذا يؤدي إلى الإحباط واليأس من القدرة على التغيير.
- والمطلوب أن نعرض النماذج الإيجابية من الماضي دون المبالغة ونربطها بالنماذج الإيجابية من الحاضر ونقارن بينهما.
- ولو نقدم نماذج من الحياة الجماعية أكثر من أن نقدم النماذج للحياة الفردية.
- نعمل على إبراز الجوانب الإيجابية في حاضرنا أكثر مما نبرز الجوانب السلبية.
- عندما نربط الماضي بالحاضر نعمل على استشراف المستقبل وذلك من خلال ذكر مواقف إيجابية من الماضي مع ذكر مواقف إيجابية من الحاضر ونستنتج الأمل في المستقبل الامثلة:
- الحصار الذي وقع على دولة الإسلام في أول تأسيسها في المدينة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا بعد الصبر كان الفرج
- حصار الحركة الإسلامية في فلسطين اقتصاديا وعسكريا وسياسيا والمطلوب الصبر ليأتي الفرج.
- تجنب إبراز السلوك السلبي الفردي غير المنتشر حتى لا تصبح ظاهرة سلبية في المجتمع مما قد يؤدي إلى الاستهانة بالذنوب والمعاصي، ذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال: (إنَّ المؤمنَ يرَى ذنوبَه كأنه في أصلِ جبلٍ يخافُ أنْ يقعَ عليه وإنَّ الفاجرَ يرَى ذنوبَه كذبابٍ وقع على أنفِه قال به هكذا ، فطار)
- أما تاريخ الأمم الأخرى غير الأمة الإسلامية، فلنا في هذا موقفين:
- موقف للعظة والعبرة من المصير المؤلم للأمم السابقة التي خالفت منهاج الله مع دراسة الأسباب التي أدت بهم إلى هذا المصير والعمل على تجنبها والتحذير منها.
- موقف إيجابي نأخذ منه ما نستفيده في الجوانب الإدارية و السياسية والعلوم الاجتماعية.